بدون المتعلق عليه والمفتقر إليه خلف في تعلقه وفقره إليه وربطه به. ولا فرق فيما ذكر بين كون المتعلق والفقير واحدا أو متعددا ، مترتبا أو متكافئا ، لأن الكلّ متعلق وفقير وربط ولا ينفك عن المتعلق عليه والمفتقر إليه وعليه ، ففرض الدور أو التسلسل لرفع الحاجة إلى الواجب المتعالي لا يفيد ؛ لأن مرجع الدور أو التسلسل إلى وجود المتعلق والفقير والربط بدون المتعلق عليه والمفتقر إليه المستقل بنفسه وهو خلف في التعلق والفقر وعدم الاستقلال. فوجود الممكن بمعنى الفقير والمتعلق لا ينفك عن الغني بالذات والمستقل بنفسه.
وإليه يشير شيخ مشايخنا الشاه آبادي ـ قدسسره ـ حيث قال : «إن نفس هذه الموجودات المحدودة روابط صرفة وذواتها متعلقة كتعلق الأضواء والشروق بذيها فإنك تشاهد انعدامها عند انسداد الروازن يعني أن انسدادها عدمها كما لا يخفى.
ويدل على ما ذكرنا أن هذه الموجودات لا تكون نفسها قيومها ولا لعالم ملكها حتى يبقى في الملك دائما ، كما قال تعالى : ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ (١) ﴿أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ﴾ (٢) وهكذا لا يكون حافظا لخصوصيات وجوده من صفاته وأحواله كالحسن والجمال والصحة والكمال والعزة والمال. وكذلك الأمر في غير الإنسان ، بل هو فيه أوضح من أن يخفى وإذا كان الأمر كذلك في الكل فاحكم بكون الكلّ فقراء ، فذواتهم تدل على حاجتهم وفقرهم. وبفطرة الفقير بالذات تثبت الغني بالذات» (٣).
وكيف كان ، فالحد الوسط في هذا البرهان هو الإمكان الوجودي ، ويمكن تقريبه بوجهين آخرين مضيا في الإمكان الماهوي فراجع.
__________________
(١) الزمر : ٣٠.
(٢) الأنبياء : ٣٤.
(٣) رشحات البحار : ص ٢٠٤.