كذلك ، إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد ، على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار ، لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات ، فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي انزل بها القرآن» (١) أقول : أما أن عثمان جمع المسلمين على قراءة واحدة ، وهي القراءة التي كانت متعارفة بين المسلمين والتي تلقوها بالتواتر عن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ وأنه منع عن القراءات الاخرى المبتنية على أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف ، التي تقدم توضيح بطلانها ، أما هذا العمل من عثمان ، فلم ينتقده عليه أحد من المسلمين ، وذلك لأن الاختلاف في القراءة كان يؤدي ... إلى تكفير بعضهم بعضا ـ إلى أن قال ـ : ولكن الأمر الذي انتقد عليه هو احراقه لبقية المصاحف ، وأمره أهالي الأمصار باحراق ما عندهم من المصاحف ، وقد اعترض على عثمان في ذلك جماعة من المسلمين ، حتى سمّوه بحراق المصاحف» (٢).
تاسعها : أنك قد عرفت أن مقتضي الأدلة القطعية المذكورة ، هو أن الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الأعظم ، وهو الذي أيده الله في عصرنا هذا ، فإن عندنا في إيران رجلا من اهل تويسركان أشرقه الله بنور القرآن ، وهو مع كونه عاميا وغير قادر على قراءة اللغة العربية والفارسية ، حفظ باشراقه تعالى دفعة واحدة في لحظة واحدة جميع القرآن ، وامتحنه بعض الأفاضل من الحوزة العلمية بقم ، بامتحانات دقيقة ظريفة وظهر صدقه واشتهر أمره ، وكان القرآن الذي حفظه عين الموجود بأيدينا من دون فرق.
بقي شيء وهو أن هنا روايات قد يستدل بها للتحريف ولكنها على
__________________
(١) الاتقان : النوع ١٨ ج ١ ص ١٠٣.
(٢) البيان في تفسير القرآن : ص ١٧١ ـ ١٧٢.