يختم ، ومعناه أن محمدا ـ صلىاللهعليهوآله ـ أتمهم بوجوده ، فلا نبي بعده. فعلى كل تقدير يكون مفاد الآية الشريفة أنه خاتم النبيين وآخرهم ، ثم لا يخفى عليك ان النبي اعم من المرسل ولو بحسب المورد لما ذهب إليه بعض المحققين من أنهما من حيث المفهوم متباينان كتباين مفهوم العالم ومفهوم العادل ولكنهما بملاحظة الروايات والأدلة الشرعية أعم وأخص موردا ، إذ المستفاد من الروايات أن كل رسول من أفراد الأنبياء ، فكما أن مفهوم العالم والعادل متباينان ومع ذلك يكون النسبة بينهما عموم من وجه بحسب المورد كذلك في المقام فإن مفهوم النبوة غير مفهوم الرسالة ومع ذلك تكون النسبة بينهما عموم وخصوص مطلق بحسب المورد ، إذ المستفاد من الأخبار أن كل رسول من أفراد الأنبياء ، ومما ذكر يظهر الجواب عن وجه تقديم الرسول على النبي في الآية الكريمة ﴿وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا﴾ (١) مع أنّ مقتضى العلوم الأدبية هو تقديم الأعم على الأخص ؛ لما عرفت من أن بين المفهومين مغايرة ومباينة فلا يتقدم عنوان أخص على الأعم وكيف كان فمع أعمية النبوة بحسب المورد ، فإذا كان محمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ خاتم النبيين كان أيضا خاتم المرسلين فلا رسول بعده أيضا.
ومن جملة الآيات هو قوله تعالى : ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (٢) سواء كان المراد من الظهور هو الغلبة في الحجة أو الغلبة الخارجية ، فإن مفاد الآية أن الإسلام ودين الحق يغلب على الدين كله ، فلو فرض مجيء دين آخر بعد الإسلام ، كان ناسخا له وغالبا عليه ، فهو يتنافى مع صريح الآية فلا يجيء دين آخر بعد هذا الدين القويم ، فتبقى نبوة نبينا إلى يوم القيامة ، وفرض النبي الحافظ مع وجود الإمام
__________________
(١) مريم : ٥١.
(٢) التوبة : ٣٣.