كما يجب أن يكون طاهر المولد أمينا صادقا منزها عن الرذائل قبل بعثته أيضا ، لكي تطمئن إليه القلوب وتركن إليه النفوس بل لكي يستحق هذا المقام الإلهي العظيم (٣).
الامور متحيرا ، لأن ذلك من أعظم المنفرات عنه» (١) ووجهه واضح ، إذ عدم الاتصاف بالمذكورات من المنفرات. هذا بخلاف ما إذا اعتبرنا الأكملية فيها ، فإن عدم الأكملية لا يكون من المنفرات إذا كان متصفا بالكمال فيها ، فالدليل على لزوم اتصافهم بالأكمل من الصفات هو الذي ذكرناه.
(٣) ولقد أشار المصنف لإثبات تنزيه الأنبياء عن المذكورات إلى دليلين :
أحدهما : هو الذي ذكره أكثر المتكلمين ، وحاصله : إن هذه الامور مما يوجب تنفير الناس عنهم ، ومعه لا يحصل الانقياد التام الذي يكون غرضا لبعث الأنبياء وإرسالهم ، ولذلك قال المحقق اللاهيجي : «نزاهة النبي عن الصفات المنقصة والأخلاق الرذيلة والعيوب والأمراض المنفرة ، معتبرة لكون ذلك داعيا إلى قبول أوامره ونواهيه ، والانقياد له والتأسي به فيكون أقرب إلى الغرض المقصود من البعثة ، فيكون لطفا لا محالة واجبا لا يجوز على الله تركه» (٢) وهذا الدليل هو الذي اعتمد عليه السيد المرتضى في تنزيه الأنبياء ، لإثبات عصمتهم قبل النبوة وبعدها من الصغائر والكبائر ، وتبعه الآخرون ، وحيث إن الدليل عام ولا يختص بالعصمة عن الذنوب ، استدلوا به في نزاهة الأنبياء عن المنفرات ، ولو لم تكن من الذنوب كالعيوب والأمراض المنفرة ، ودناءة الآباء وعهر الامهات والفظاظة والغلظة والاشتغال بالصنائع الموهنة والمبتذلة ، ولذا
__________________
(١) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ص ٣٤٩ الطبعة الحديثة.
(٢) گوهر مراد : ص ٣٠١.