وثانيا : أن حرمة الايذاء لا تختص بالنبي ، بل ايذاء المؤمن أيضا حرام ، فلو كانت حرمة الايذاء مانعة عن النهي عن المنكر في النبي ، لزم أن يكون كذلك في غيره وهو كما ترى ، وليس ذلك إلّا لحكومة أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أدلة حرمة الايذاء اللهم إلّا أن يقال بأن اطلاق فعلية حرمة الايذاء في النبي من دون استثناء ، يكشف عن عدم صدور الذنب منه أصلا وإلّا فلا مورد لذلك الاطلاق الساري.

ومنها ما في المتن من أنه مع جواز صدور المعصية عمدا أو خطأ ونسيانا ، فإما يجب اتباعه فيما صدر منه ، أو لا يجب ، فإن وجب لزم الترخيص في فعل المعاصي ، بل ايجابه للزوم المتابعة ، وذلك باطل بضرورة الدين والعقل ، وإن لم يجب اتباعه كان ذلك منافيا للنبوة التي لا بد أن تقترن بوجوب الاطاعة أبدا.

هذا فيما إذا علم أن الصادر معصية ، وأما إذا لم يعلم واحتمل فلا يجب اتباعه لاحتمال كونه معصية أو خطأ فتذهب فائدة البعثة.

وفيه أولا : أنه أخص مما ذهب إليه الإمامية ، لاختصاصه بالعصمة عن الذنوب حال النبوة.

وثانيا : أنه لا يثبت العصمة لارتفاع المحذور باثبات العدالة ، إذ مع العدالة لا يكون اتباعه باطلا ، ولو كان في الواقع خاطئا ، كالاتباع عن الفقهاء والحكام والعدول ، مع احتمال الخطأ فيهم ، والترخيص في اتباعهم ، ولو كان خلاف الواقع ، لا مانع منه إذا كان مصلحة الاتباع راجحة ، كما هو كذلك في حجية الفتاوى والأحكام وشهادة العدول ، اللهم إلّا أن يقال : إن اتباع الأنبياء لدرك المصالح الواقعية ، والبعد عن المفاسد الواقعية ، وهو لا يحصل بالعدالة ، ولكنه دليل آخر الذي أشرنا إليه كالدليل الأول ، وكيف كان ففي ما ذكر من بعض البراهين المذكورة منفردا أو بعد ضم بعضها إلى بعض غنى وكفاية لإثبات مذهب الإمامية.

۳۲۰۱