بل هي ملكية تكوينية وهي لا تنفك عن مالكها وإلّا فلا وجود لها.
ألا ترى أنك بالنسبة إلى ما تصورت في ذهنك من الصور الذهنية ، مفيض الوجود إليها بالافاضة التكوينية ، وهذه الافاضة لا يمكن تفويضها إلى الصور المذكورة ، بل هي موجودة بتصورك ، فما دام تكون أنت مصورا لها فلها الوجود ، وإذا أعرضت عنها فلا وجود لها ، فلا استقلال لها في الوجود ، فالملكية التكوينية لا تجتمع مع التفويض ، وعليه فلا يكون شيء من الموجودات ، خارجا عن ملكه وسلطانه ، بل كل شيء موجود بوجوده وقدرته وسلطانه.
فالأعمال الاختيارية كسائر الموجودات ، داخلة في قضائه وقدره ، ولا تخرج عنهما ، وإنما الفرق بينهما هو وساطة الاختيار في الأعمال دون غيرها.
فالأعمال ليست مستندة إليه تعالى فقط ، بحيث لا مباشرة للإنسان ولا تأثير له ، كما يقوله الجبري ، كما ليست مستندة إلى الإنسان فقط ، بحيث يخرج عن سلطانه وقدرته ، كما يقوله التفويضي ، بل الأفعال في عين كونها مستندة إلى الإنسان بالحقيقة ، لصدورها عنه بالاختيار ، مستندة إليه تعالى ؛ لأنه معطي الوجود والقدرة ، فالاستناد إليه تعالى طولي وملكيته ملكية طولية ، كما اشير إليه في الروايات من أنه «هو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه» (١) وهذا هو معنى الأمر بين الأمرين ، وذهب إليه المحققون من علماء الإمامية على ما نسب إليهم المحقق اللاهيجي ـ قدسسره ـ (٢) واختاره المحقق الطوسي في شرح رسالة العلم على المحكي (٣) وقال المحقق الأصفهاني ـ قدسسره ـ بعد الرد على الجبرية والمفوضة : «والتنزيه الوجيه ما تضمنته هذه الكلمة الإلهية المأثورة في الأخبار المتكاثرة عن العترة الطاهرة ـ عليهم صلوات الله المتواترة ـ أعني قولهم
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥ ص ١٦ ـ وراجع كتاب انسان وسرنوشت : ص ١٠١.
(٢) گوهر مراد : ص ٢٣٥.
(٣) گوهر مراد : ص ٢٣٥.