الظل ، وعليه فلو أراد الله تعالى فعلا تكوينا لوقع بإرادته ولو لم يرده العبد ، لقوة قدرته وارادته دون العكس ، ولعل إليه يؤول ما أشار إليه المحقق الطوسي ـ قدس‌سره ـ في متن تجريد الاعتقاد حيث قال : «ومع الاجتماع يقع مراده تعالى».

إن قلت : ربما يقع الفعل عن العبد على خلاف ارادته تعالى ، ككفر الكفار وعصيان العصاة ، مع أنه تعالى لا يريد الكفر والعصيان.

قلت : إنه تعالى في مثل ما ذكر لا يريد تكوينا إلّا ما اختاره العباد ولو بالارادة التبعيّة ، فما وقع عن العباد لا يخرج عن ارادته وإن منعهم وزجرهم عنه تشريعا ؛ لأنه أراد أن يفعل الإنسان ما يشاء بقدرته واختياره ، حتى يتمكن من النيل إلى الكمال الاختياري ، فمقتضى كونه مختارا في أفعاله هو أن يتمكن من السعادة والشقاوة كليهما ، فلا معنى لأن يكون مختارا ومع ذلك لا يكون متمكنا من الشقاوة فاللازم هو التمكّن بالنسبة إلى كل واحد من السعادة والشقاوة ، وهذا التمكّن اعطي للإنسان من ناحية الله تعالى مع منعه اياهم عن سلوك مسلك الشقاوة ففي نظائر ما ذكر لا يغلب إرادة الكفار والعصاة على ارادته تعالى ، بل هو المريد لفعل العبد عن اختياره وارادته لا جبرا وبدون الاختيار ، ولعل إليه يرجع قوله عزوجل : ﴿وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ (١).

إذ الآية المباركة في عين كونها في مقام إثبات المشيئة له تعالى ، أثبت المشيئة للإنسان أيضا ، وليس هذا إلّا الطولية المذكورة ، ويؤيدها ما روي عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ «إن الله يقول : يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد» (٢).

__________________

(١) الدهر : ٣٠.

(٢) بحار الأنوار : ج ٥ ص ٩٤.

۳۲۰۱