لأن يتدارجوا المدارج العالية وأعلاها ورحمته غلبت غضبه ، فلا تغفل ، فالأنبياء والأولياء ممن ليس لهم اكتساب سوء ، كانوا خارجين عن قوله : ﴿وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ تخصصا ، إذ الآية المباركة أثبتت المصيبة بسبب الذنوب واكتساب السوء ، فلا تشمل من لم يصدر عنه الذنوب وليس له اكتساب سوء كما لا يخفى. فلا مكافأة ولا عذاب لهم ، وإنما ما ورد عليهم لإعلاء شأنهم وقربهم إليه تعالى.
ثم لا يخفى أن من ابتلى بالمصيبات من جهة ذنوبه وصبر عليها من غير شكاية عنها أعطاه الله من باب فضله ولطفه مضافا إلى تطهير ذنوبه ارتفاع المقام والأجر والثواب. كما يدل عليه ما روي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ عن آبائه عن علي ـ عليهالسلام ـ «إنه عاد سلمان الفارسي فقال له يا سلمان ما من أحد من شيعتنا يصيبه وجع إلّا بذنب قد سبق منه وذلك الوجع تطهير له ، قال سلمان : فليس لنا في شيء من ذلك أجر خلا التطهير ، قال علي ـ عليهالسلام ـ : يا سلمان لكم الأجر بالصبر عليه والتضرع إلى الله والدعاء له بهما تكتب لكم الحسنات وترفع لكم الدرجات ، فأما الوجع خاصة فهو تطهير وكفارة» (١).
ويدل عليه أيضا ما روي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ أنه قال : «من مرض ليلة فقبلها بقبولها كتب الله عزوجل له عبادة ستين سنة (قال الراوي) قلت : ما معنى قبولها؟ قال : لا يشكو ما أصابه فيها إلى أحد» (٢).
__________________
(١) جامع الأحاديث : ج ٣ ص ٩١ ـ ٩٢.
(٢) جامع الأحاديث : ج ٣ ص ٩٩.