وكم من معلول نال المقامات العالية والشامخة ، لعلو همته ونشاطه ، فعلى المعلولين أن لا يتركوا السعي نحو الكمال بمقدار الطاقة ، وعلى الناس أن يساعدوهم في هذا المجال ، ولا يهملوهم ، فإنهم إخوانهم والمسلم يهتم بامور المسلمين.
السابع : أنه قد يكون بعض الشرور لمكافأة الكفار وعذابهم ، كما نص عليه في حق الهالكين من الامم السابقة بقوله : ﴿وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ﴾ (١) ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ﴾ (٢) بل يدل بعض الآيات الكريمة على أن المصيبات كالقحط والغلاء والشدائد ونحوها تعرض الأقوام والأفراد ولو لم يكونوا كافرين من جهة سوء اختيارهم ، والتغيرات السيئة في أنفسهم ، كقوله تعالى : ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (٣) وقوله تعالى : ﴿وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾ (٤) فمثل هذه الآية خطاب إلى الاجتماع أو الأفراد ، وتدل على أن بين المصائب ، كالقحط والغلاء والوباء والزلازل والمرض والضيق وغير ذلك ، من المصيبات والشدائد ، وبين أعمال الإنسان ارتباط خاص ، فلو جرى الإنسان أو المجتمع الإنساني على ما تقتضيه الفطرة من الاعتقاد والعمل ، نزلت عليهم الخيرات ، وفتحت عليهم البركات ، ولو أفسدوا افسد عليهم ، وهذه سنة إلهية ، إلّا أن ترد عليها سنة التكامل الأعلى كابتلاءات الأولياء ، مع أن أعمالهم كلها حسنات ، أو ترد سنة الاستدراج مع أن أعمالهم سيئات ، فينقلب الأمر كما قال تعالى :
__________________
(١) القصص : ٥٩.
(٢) الانعام : ٦.
(٣) الرعد : ١١.
(٤) الشورى : ٣٠.