إضافية مقيسة إلى أفراد أشخاص معينة وأما في نفسها وبالقياس إلى الكل فلا شر أصلا ، فاللازم في حكمته هو ايجادها مع كونها خيرا غالبا» (١) إذ ترك ايجاده حينئذ مرجوح ، ثم لا يخفى عليك أنه ذهب بعض إلى أن الشر أمر وجودي مستشهدا بقوله تعالى : ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ (٢) وبما ورد عن الإمام الصادق ـ عليهالسلام ـ في بعض الأدعية ليوم العرفة : «وأنت الله لا إله إلّا أنت خالق الخير والشر» وبما ورد عنه ـ عليهالسلام ـ في دعاء آخر وبيدك مقادير الخير والشرّ وغير ذلك ؛ لأن الذوق والابتلاء والخلق والتقدير لا تناسب الاعدام ، اللهم إلّا أن يقال في الجواب : بأن المراد من الشر في أمثال ما ذكر هو الشر القياسي والاضافي لا الشر الحقيقي ومن المعلوم أن الشر القياسي أمر وجودي مقارن للشر الحقيقي الذي هو العدم ، والوجود يحتاج إلى الخلق والتقدير وقابل للابتلاء به ونحوه ، فلا ينافي الآية الكريمة والأدعية ، لما ذكر من عدمية الشر الحقيقي فافهم.
لا يقال : إن الإشكال لو كان في خلقة الشرور الحقيقية ، لكان الجواب عنه بأنها عدمية ، فلا حاجة لها إلى العلة صحيحا ، أما إن كان الإشكال في أن الله تعالى لم لم يخلق العالم بحيث يكون مكان الفقدانات وجودات وكمالات ، ومكان الشرور خيرات ، حتى لا يكون للشرور الاضافية وجود ، فالإشكال بالنسبة إلى الشرور الاضافية باق ، ولا يكون الجواب المذكور مقنعا عنه.
لأنه يجاب عن ذلك بأن : هذا وهم ، إذ لا مجال لوجود العالم المادي بدون التضاد والتزاحم ، إذ لازم الطبيعة المادية هو وجود سلسلة من النقصانات والفقدانات والتضاد والتزاحم ؛ لعدم قابلية المادة لكل صورة في جميع الأحوال والشرائط ، فالأمر يدور بين أن يوجد العالم المادي المقرون بتلك النقصانات ، أو
__________________
(١) شرح الإشارات : ج ٣ ص ٣٢٠ ـ ٣٢٣.
(٢) الأنبياء : ٣٥.