عن فعله هو الذي لا يملك الفعل ، إلّا إذا كان ذا مصلحة والمصلحة هي التي تملكه وترفع المؤاخذة عنه ، ورب العالم أو جزء من أجزائه هو الذي يملك تدبيره باستقلال من ذاته أي لذاته ، لا بإعطاء من غيره ، فالله سبحانه هو رب العرش وغيره مربوبون له. انتهى وحاصله أنه غير مسئول عن فعله وذلك شاهد كونه مالك للفعل على الاطلاق وهو ليس الّا الرب الذي لا يفعل إلّا لكمال ذاته وعليه فالفعل الصادر عن كمال ذاته لا يكون الّا صوابا فلا مورد للسؤال عنه.

وقال أيضا في ضمن عبائره : ولا دلالة في لفظ الآية على التقييد بالحكمة ، فكان عليهم أن يقيموا عليه دليلا (١).

وفيه أن الآية مناسبة مع الحكمة أيضا وهي تكفي ، لجواز حملها عليها ، ويؤيده المروي كما عرفت.

ومنها ما ذهب إليه بعض المحققين ، من أن المراد من الآية الكريمة ، أنه ليس لأحد حق لمؤاخذته ، بل له أن يؤاخذ غيره ، وذلك واضح ؛ لأن كل موجود ليس له من الوجود إلّا منه تعالى ، فإذا كان كذلك فلا يكون لهم حقا عليه تعالى ، وأيضا أن الله تعالى غني عن خلقه فلا يصل إليه من مخلوقه نفع ، حتى ثبت لغيره حق عليه ، ويسأل عنه (٢) وحاصله أن السؤال فرع الحق عليه.

وحيث إنه لا حق لغيره عليه فلا مورد للسؤال عنه تعالى ، هذا ويمكن أن يقال : إن السؤال لا يقطع بذلك إذ لو لم يأخذ الله تعالى حق كل ذي حق عمن ظلمه في الآخرة لكان للسؤال مجال ، وأيضا لو أدخل المطيعين في النار والمسيئين في الجنة أو قدّم المفضول على الفاضل لكان للسؤال مجال ، مع أنه لا حق لهم عليه تعالى ، فلعل المقصود ممّا ذكر أن الله تعالى كامل من جميع الجهات وليس

__________________

(١) تفسير الميزان : ج ١٤ ص ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

(٢) مجموعة معارف القرآن : ج ١ خداشناسى ص ٢٣٣.

۳۲۰۱