صدق مفيدا بحال مجتمع ، ومع ذلك لا يكون عدلا ؛ لكونهم محاربين مع الإسلام والمسلمين مثلا.

ثم إن ثبات الاصول الأخلاقية وعدم نسبيتها يكفيه التحسين والتقبيح الذاتيين في العناوين الذاتية الحسنة والقبيحة ، كقولنا : العدل حسن والظلم قبيح.

(ورابعها): ما عن أكثر الحكماء من أن قضية الحسن والقبح من أحكام العقل العملي التي تتغير بحسب تغير المصالح والمفاسد والوجوه والاعتبارات ، ولا ضير فيه ، وإنما الثابت هو حكم العقل النظري فالتغير في مثل الصدق حسن والكذب قبيح لا ينافي عقلية الأحكام ؛ لعدم اختصاص الأحكام العقلية بالضروريات التي يدركها العقل النظري ، ولا تغيير ولا تبديل فيها. فقد أشار إليه العلامة ـ قدس‌سره ـ تبعا للخواجة نصير الدين الطوسي ـ قدس‌سره ـ وأوضحه المصنف ـ قدس‌سره ـ في كتاب منطقه حيث قال في المنطق عند عدّ أقسام المشهورات : «٢ ـ التأديبات الصلاحية وتسمى المحمودات والآراء المحمودة ، وهي ما تطابقت عليها الآراء من أجل قضاء المصلحة العامة للحكم بها ، باعتبار أن بها حفظ النظام ، وبقاء النوع ، كقضية حسن العدل ، وقبح الظلم ومعنى حسن العدل أن فاعله ممدوح لدى العقلاء ومعنى قبح الظلم أن فاعله مذموم لديهم ، وهذا يحتاج إلى التوضيح والبيان فنقول :

إن الانسان إذا أحسن إليه أحد بفعل يلائم مصلحته الشخصية ، فإنه يثير في نفسه الرضا عنه ، فيدعوه ذلك إلى جزائه وأقل مراتبه المدح على فعله ، وإذا أساء إليه أحد بفعل لا يلائم مصلحته الشخصية ، فإنه يثير في نفسه السخط عليه فيدعوه ذلك إلى التشفي منه والانتقام ، وأقل مراتبه ذمه على فعله ، وكذلك الإنسان يصنع إذا أحسن أحد بفعل يلائم المصلحة العامة من حفظ النظام الاجتماعي ، وبقاء النوع الانساني ، فإنه يدعوه ذلك إلى جزائه وعلى الأقل

۳۲۰۱