ومذموما ، كما أنه إذا اشتمل الكذب على جهة المصلحة الفعلية لا يصدق عليه بالفعل إلّا عنوان العدل فلا يكون إلّا حسنا وممدوحا ؛ لأن الصدق والكذب من الامور التي تختلف بالوجوه والاعتبارات ، وليس الحسن والقبح ذاتيين لهما والمفروض أن العنوان الذاتي واحد وليس بمتعدد إذ الصدق مثلا اما عدل أو ظلم ، فأين اجتماع الحسن والقبح ، حتى يلتزم ببقائهما وعدم زوالهما.
(وثانيها): ما ذهب إليه بعض الأعاظم ، كالمحقق اللاهيجي (١) والمحقق السبزواري من منع التغير في ناحية الحكم العقلي ومن انحصار الاختلاف والزوال في ناحية الموضوع ، وتقريبه أن عناوين الأفعال بالنسبة إلى الحسن والقبح على ثلاثة أقسام :
الأول : ما هو علة للحسن والقبح ، كالعدل والظلم ، فإنهما في حد نفسهما محكومان بهما من دون حاجة إلى اندراجهما تحت عنوان آخر ، فالحسن والقبح ذاتيان لهما ، لا يقال : لا مصداق لهما ؛ لأن جميع الأفعال الخارجية تتغير بالوجوه والاعتبارات ؛ لانا نقول ليس كذلك ؛ لأن مثل إطاعة الله تعالى أو شكر المنعم أو دفع الضرر المحتمل أو تصديق النبي والولي لا تنفك عن الحسن. كما أن مثل مخالفة الله تعالى في أوامره ونواهيه أو كفران نعمته لا تنفك عن القبح. وليس ذلك إلّا لعدم اختلافها بالوجوه والاعتبارات ، فهذه الامور من مصاديق العدل أو الظلم في جميع الأحوال ، ولذا لا تنفك عن الحسن أو القبح فتدبر جيدا.
الثاني : ما هو مقتض لهما كالصدق والكذب ، فإنهما لو خلّيا وطبعهما مندرجان تحت عنوان العدل والظلم ، وباعتبارهما يتصفان بالحسن والقبح ، وحيث إن توصيفهما بهما من جهة اندراجهما تحت العناوين الحسنة والقبيحة يسمى الحسن والقبح فيهما بالعرضيين.
__________________
(١) سرمايه ايمان : ص ٥٩.