فإذا اذيب ثانياً بعد تطهير ظاهره تنجّس ظاهره ثانياً (١). نعم لو احتمل عدم وصول النجاسة إلى جميع أجزائه وأن ما ظهر منه بعد الذوبان الأجزاء الطاهرة ، يحكم بطهارته (*) وعلى أيّ حال بعد تطهير ظاهره لا مانع من استعماله وإن كان مثل القدر من الصفر (٢).


لا يتعقّل فيها شبهة مصداقية بوجه ، لأنه لا معنى للشك في الشك أو اليقين ، بأن يشك الإنسان في أنه يشك في أمر كذا أو لا يشك ، أو أنه متيقن منه أو لا يقين له ، لأنه إذا راجع وجدانه يرى أنه يشك أو يتيقن فلا معنى للشك في أمثالهما ، وعليه فلا مانع من الرجوع إلى استصحاب الحالة السابقة في الفرد المشكوك فيه. وهذا كما إذا ذبحنا حيواناً وخرج منه المقدار المتعارف من الدم فإنّه حينئذ يقتضي الحكم بطهارة المقدار المتخلف منه في الذبيحة وبه تنتقض الحالة السابقة فيه ، فلو شككنا بعد ذلك في دم أنه من الدم المتخلف أو المسفوح ، فعلى ما سلكناه لا مانع من التمسّك باستصحاب نجاسته لعدم كونه من الشبهات المصداقية للنقض الحرام. وعلى ذلك لمّا علمنا في المقام بانتقاض الحالة السابقة في الأجزاء الظاهرية للفلز للعلم بتطهيرها ، وعلمنا أيضاً بعدم انتقاضها في الأجزاء الداخلية ، لم يكن أي مانع من الرجوع إلى استصحاب بقاء النجاسة فيما إذا شككنا في جزء أنه من الأجزاء الظاهرية أو الداخلية. نعم بناء على ما سلكه شيخنا الأُستاذ قدس‌سره لا يبقى مجال للاستصحاب وتنتهي النوبة إلى قاعدة الطهارة في الجزء المشكوك فيه.

(١) لوضوح أن الفلز إذا اذيب وكانت أجزاؤه الداخلية متنجسة حكم بنجاسة أجزائه الظاهرية لا محالة ، وهذا لا لأن الذوبان يقتضي نجاستها ، بل لأن الأجزاء الظاهرية هي الأجزاء الداخلية المتنجسة على الفرض وقد ظهرت بالغليان والذوبان.

(٢) ظهر مما تلوناه عليك في التعليقة السابقة عدم إمكان الحكم بطهارة الجزء المشكوك فيه ، لأنه طرف للعلم الإجمالي بإصابة النجاسة له أو للجزء الداخل إلى الجوف بالغليان.

__________________

(*) الحكم بطهارته لا يخلو من إشكال ظاهر ، نعم لا ينجس ملاقيه على الأظهر.

۵۰۹