الثالث : مرسلة الكاهلي « كل شي‌ء يراه ماء المطر فقد طهر » (١) حيث دلت على كفاية مجرّد الرؤية في التطهير بماء المطر ، وبعدم القول بالفصل بينه وبين غيره من المياه العاصمة يتم المدعى ، فلا حاجة في التطهير بها إلى تعدد الغسل.

ويندفع هذا أولاً بأنها مرسلة ولا يعتمد في شي‌ء. وثانياً بأن الاتفاق على عدم الفصل بين المطر وغيره لم يثبت بوجه ، فان دعواهم ذلك لا يزيد على الإجماع المنقول بشي‌ء ، بل الدعوى المذكورة معلومة الخلاف ، كيف وقد فصّلوا بين ماء المطر وغيره بعدم اعتبارهم العصر في الغسل بالمطر بخلاف الغسل بغيره من المياه ، وهذا كاشف قطعي عن عدم التلازم بينهما في الأحكام ، فالحكم على تقدير ثبوته خاص بالمطر ولا يمكن تعديته إلى غيره. فلو تنازلنا عن ذلك فغاية الأمر أن نتعدى إلى الجاري فحسب بناء على أن ماء المطر كالجاري كما قيل فان التشبيه على تقدير ثبوته وإن كان من طرف ماء المطر إلاّ أنّا ندعي مماشاة للمستدل أن الجاري أيضاً كالمطر وأن الأحكام المترتبة على أحدهما مترتبة على الآخر إلاّ أن إلحاق غيره كالكثير يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه.

الرابع : إطلاق أدلة التطهير بالماء كالآيات والأخبار المتقدمتين في أوائل الكتاب وإطلاق ما دلّ على أن المتنجِّس يطهر بغسله من غير تقييده بمرتين أو أكثر على ما تقدم في البحث عن اعتبار التعدّد في البول (٢) ، فراجع.

ويدفعه : أن العبرة إنما هو بإطلاق دليل المقيد ، وهو ما دلّ على لزوم التعدّد في غسل الثوب المتنجِّس بالبول والإناء المتنجِّس بالخمر أو بولوغ الخنزير أو بوقوع ميتة الجرذ فيه ، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق في اعتبار التعدّد بين غسله بالماء القليل وغسله بالكثير.

الخامس : صحيحة محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الثوب يصيبه البول ، قال : اغسله في المِركَن مرتين ، فان غسلته في ماء جار فمرّة واحدة » (٣) بتقريب أن جملة « فإن غسلته في ماء جار فمرة » بيان للمفهوم المستفاد من‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٤٦ / أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٥.

(٢) في ص ٣٥.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٢ ح ١.

۵۰۹