وإن كان تركه من الاضطرار وعدم التمكن منه (١).


أن الشارع إنما حكم بذلك لأجل أن البلل الخارج وقتئذ بول ناقض للوضوء ، إذ لو لا كونه بولاً نجساً لم يكن وجه لأمره عليه‌السلام بعده بالاستنجاء ، لوضوح أن مجرّد غسل الذّكر من غير بول لا يسمّي استنجاء بوجه ، هذا.

مضافاً إلى أن نواقض الوضوء محصورة ، فإذا حكمنا على البلل بالناقضية استكشف من ذلك أنه بول لا محالة ، إذ لا ينطبق شي‌ء منها على البلل سوى البول ، فالبولية والناقضية متلازمتان في البلل ، وهذا بخلاف البلل الخارج بعد الاستبراء لأنه محكوم بالطهارة وعدم انتقاض الوضوء به ، كما دلت عليه النصوص ، ومن هنا قيدنا صحيحة محمّد بن مسلم وموثقة سماعة المتقدِّمتين (١) الدالتين على انتقاض الغسل بالبلل ، بما إذا خرج قبل الاستبراء من البول.

فالمتحصل : أن الأخبار الواردة في المقام وإن لم تشتمل على أن البلل المشتبه بول أو نجس ، وإنما دلت على انتقاض الوضوء به إذا خرج قبل الاستبراء من البول ، إلاّ أن الصحيح كما أفاده الماتن هو الحكم ببوليته وناقضيته كما عرفت.

(١) كما إذا كانت يداه مغلولتين أو غير ذلك من الوجوه ، والوجه فيما أفاده أن المستفاد من الأدلّة الدالّة على نجاسة البلل الخارج قبل الاستبراء من البول وانتقاض الطهارة به ، أن طهارة البلل وعدم انتقاض الوضوء به من الآثار المترتبة على العملية الخاصة المتقدم تفصيلها ، فاذا انتفت ولو للاضطرار ترتبت عليه النجاسة والانتقاض لأنه مقتضى إطلاقها.

ودعوى أن الاضطرار مرفوع في الشريعة المقدسة لحديث رفع الاضطرار ، وحيث إن ترك الاستبراء في مفروض المسألة مستند إليه ، فهذا الترك كلا ترك وكأنه قد استبرأ بمقتضى الحديث ، وبذلك يحكم على البلل بالطهارة وعدم الانتقاض به.

__________________

(١) في ص ٣٩٥.

۵۰۹