صلاته ، ثم قال : يا زرارة إذا خرجت من شي‌ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي‌ء » (١) وغيرها من الأخبار الواردة في القاعدة على أن التجاوز الحقيقي عن المشكوك فيه غير معتبر في جريانها ، بل المعتبر هو التجاوز عن المحلل المقرر له في الشريعة المقدسة ، لأنه عليه‌السلام قد حكم بالمضي في الشك في الموارد المسئول عنها في الصحيحة المتقدِّمة ، مع أن التجاوز عن المشكوك فيه غير محرز في شي‌ء من تلك الموارد ، لوضوح أن الشك فيها إنما هو في أصل الوجود ومعه لا يمكن إحراز التجاوز الحقيقي. وعلى الجملة دلت الصحيحة على أن التجاوز عن المحل كالتجاوز عن المشكوك فيه ، إلاّ أن شيئاً من التجاوز الحقيقي والتعبدي غير صادق فيما نحن فيه :

أمّا التجاوز حقيقة ، فلما تقدم من أن مع الشك في الوجود لا يمكن إحراز التجاوز عن المشكوك فيه.

وأمّا التجاوز تعبداً وهو التجاوز عن المحل ، فلأنه لا محل مقرر للاستنجاء في الشريعة المقدسة ، بل أي مورد استنجى فيه المكلف فهو محله ، والصلاة وإن كانت مشروطة بالطهارة أو إن النجاسة مانعة عن الصلاة على الخلاف إلاّ أن ذلك لا يستلزم أن يكون للاستنجاء محل مقرر شرعاً ، فالتجاوز التعبدي أيضاً لا تحقق له.

ودعوى : أن الاستنجاء إذا كان له محل اعتيادي كبيت الخلاء ونحوه وشك فيه بعد الخروج عنه ، صدق عليه أنه مضى وتجاوز محله.

تندفع بأن التجاوز عن المحل الاعتيادي وإن كان صادقاً عليه ، إلاّ أنه لم يقم دليل على كفايته في جريان القاعدة ، وإنما الدليل دلّ على جريانها عند التجاوز عن المحل المقرر الشرعي للمشكوك فيه ، وهو كالتجاوز الحقيقي غير صادق بالتجاوز عن المحل الاعتيادي.

نعم ، لو قلنا بكفاية التجاوز عن المحل العادي للمشكوك فيه ، لم يحتج إلى الاستنجاء بالإضافة إلى الصلوات المتأخرة عن الشك فيه ، لأن الاستنجاء حينئذ قد أحرزته قاعدة التجاوز ، نظير ما إذا شككنا في الوضوء وأحرزناه بالتعبد الشرعي‌

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ١.

۵۰۹