على الاستغراق نعم قد تقوم القرينة على إرادة جنس الفرد من اللاّم الداخل على الجمع ، كما في قوله عزّ من قائل ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ... (١) وقوله ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها ... (٢) وذلك لوضوح أن الخمس والصدقات إنما تدفعان للأفراد لا إلى الجموع ، فهذه الرواية على خلاف المطلوب أدل.

ومنها : مضمرة زرارة : « كان يستنجي من البول ثلاث مرّات ، ومن الغائط بالمدر والخرق » (٣) حيث لم يقيد المسح بالمدر والخرق بالتعدّد ، ومقتضى إطلاقها كفاية التمسّح مطلقاً.

ويرد هذا الاستدلال ، أن الرواية غير واردة لبيان اعتبار التعدّد وعدمه ، وإنما وردت حكاية عن فعل الامام عليه‌السلام وغاية ما تدل عليه أن مخرج البول لا يجتزأ فيه بالتمسح ، لالتزامه عليه‌السلام فيه بالماء وإنما يكفي ذلك في الغائط ، وأما أنه يكفي مطلقاً أو ثلاث مرات فليست الرواية ناظرة إليه. وعلى الجملة الراوي إنما حكى عن الإمام كفاية التمسح في الغائط دون التعدّد وعدمه ، إذ لم يكن عليه‌السلام يستنجي من الغائط بمرأى من زرارة ليتمكن من حكاية ذلك عنه عليه‌السلام.

والحاصل أن الأخبار المتقدِّمة لا دلالة في شي‌ء منها على الاجتزاء بالأقل من الثلاث ، عدا موثقة يونس لتمامية دلالتها كما مرّ ، ومعها لا تصل النوبة إلى الأصل فإن قام دليل مقيد لإطلاقها فلا كلام وإلاّ فلا مناص من الأخذ بإطلاق الموثقة والحكم بالاجتزاء بالأقل من الثلاث في المسح كالغسل ، هذا كله في المورد الأول.

وأمّا المورد الثاني : فقد ورد في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا صلاة إلاّ بطهور ، ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ، بذلك جرت السنة من‌

__________________

(١) الأنفال ٨ : ٤١.

(٢) التوبة ٩ : ٦٠.

(٣) الوسائل ١ : ٣٤٤ / أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٦.

۵۰۹