يحتمل استناده إلى كون الثوب مما لا يؤكل لحمه إلاّ أن قوله عليه‌السلام « فإذا أصاب ماء غسله » كاشف عن أن عدم حلية الصلاة فيه كان مستنداً إلى نجاسته.

الثالثة : مرسلة محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن عليه‌السلام « في طين المطر أنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام ، إلاّ أن يعلم أنه قد نجّسه شي‌ء بعد المطر فإن أصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله ... » (١) وهذه الأخبار كما ترى مطلقة ومقتضاها كفاية الغسلة الواحدة في التطهير عن مطلق النجس.

نعم ، لا يمكن الاستدلال على ذلك بالرواية الأخيرة لضعف سندها بالإرسال ، وإمكان المناقشة في دلالتها من جهة أن الطريق سواء علمنا بطهارته أم بنجاسته لا يختلف حكمه قبل الثلاثة وبعدها ، فإنّه إن كان طاهراً فهو كذلك قبل الثلاثة وبعدها ، وإذا كان نجساً فكذلك أيضاً ، فلم يظهر لنا وجه صحيح لمدخلية ثلاثة أيام في الحكم الوارد في الرواية.

ومن جملة الأخبار التي يمكن أن يستدل بها على المدعى موثقة ثانية لعمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل إذا قصّ أظفاره بالحديد أو جزّ شعره أو حلق قفاه فانّ عليه أن يمسحه بالماء قبل أن يصلي ، سئل فإن صلّى ولم يمسح من ذلك بالماء؟ قال : يعيد الصلاة لأنّ الحديد نجس ... » (٢) فان حكمه بكفاية المسح بالماء معللاً بأن الحديد نجس يعطي أنّ طبيعة النجس تنجس ملاقياتها بالرطوبة ، وتزول نجاستها بمجرد أن أصابها الماء وهو معنى كفاية الغسل مرّة واحدة. نعم تطبيق ذلك على الحديد لا يخلو من عناية ، لوضوح عدم كون الحديد نجساً ولا أنه منجّس لما يلاقيه إلاّ أنه أمر آخر. والضابط الكلي في المسألة أن ما دلّ على نجاسة الملاقي لشي‌ء من الأعيان النجسة كالأمر بغسله أو بإعادة الصلاة الواقعة فيه ونحوهما ، إما أن يكون مطلقاً وإما أن لا يكون وإنما دلّ على نجاسته في الجملة.

فعلى الثاني لا بدّ من الاكتفاء في نجاسته بالمقدار المتيقن وهو ما إذا لم يغسل الملاقي‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٥٢٢ / أبواب النجاسات ب ٧٥ ح ١.

(٢) الوسائل ١ : ٢٨٨ / أبواب النواقض ب ١٤ ح ٥ ، ٣ : ٥٣٠ / أبواب النجاسات ب ٨٣ ح ٦.

۵۰۹