الثانية : الأخبار المشتملة على الكراهة كصحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن آنية الذّهب والفضّة فكرههما .. » (١) وموثقة بريد عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه كره الشرب في الفضّة وفي القدح المفضّض » (٢) وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه كره آنية الذهب والفضّة والآنية المفضّضة » (٣) وقد ذكروا أن الكراهة في تلك الطائفة بمعنى المرجوحية المطلقة لا المعنى المصطلح عليه ، فلا تنافي الطائفة الدالّة على حرمة استعمالهما في الأكل أو الشرب لأن الحرمة تجتمع مع المرجوحية المطلقة ، هذا.

ولكن الصحيح أن تلك الطائفة أيضاً تدل على الحرمة مع قطع النظر عن الطائفة المتقدِّمة ، وذلك لأن الكراهة التي هي في قبال الأحكام الأربعة اصطلاح مستحدث وأما بحسب اللّغة فهي بمعنى المبغوضية لأن معنى كرهه : ضد أحبه ، أي أبغضه. وعلى ذلك فالكراهة تدل على الحرمة ما دام لم تقم قرينة على خلافها ، إذ الدليل قد يدل على الحرمة نفسها وقد يدل على الحرمة بالدلالة على منشئها الذي هو البغض.

هذا ، وقد استعملت الكراهة بمعنى الحرمة في بعض الأخبار أيضاً فليراجع (٤) ويؤيد ما ذكرناه صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : « سألته عن المرآة هل يصلح إمساكها إذا كان لها حلقة فضّة؟ قال : نعم ، إنما يكره استعمال ما يشرب به ... » (٥) إذ الكراهة في قوله عليه‌السلام إنما يكره بمعنى الحرمة ، وذلك‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٥٠٥ / أبواب النجاسات ب ٦٥ ح ١.

(٢) الوسائل ٣ : ٥٠٩ / أبواب النجاسات ب ٦٦ ح ٢.

(٣) الوسائل ٣ : ٥٠٨ / أبواب النجاسات ب ٦٥ ح ١٠.

(٤) كما في رواية سيف التمار قال : « قلت لأبي بصير : أُحب أن تسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل استبدل قوصرتين فيهما بسر مطبوخ بقوصرة فيها تمر مشقق قال : فسأله أبو بصير عن ذلك ، فقال عليه‌السلام هذا مكروه ، فقال أبو بصير : ولِمَ يكره؟ فقال : إن علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان يكره أن يستبدل وسقاً من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر ، لأن تمر المدينة أدونهما ولم يكن علي عليه‌السلام يكره الحلال » الوسائل ١٨ : ١٥١ / أبواب الربا ب ١٥ ح ١.

(٥) الوسائل ٣ : ٥١١ / أبواب النجاسات ب ٦٧ ح ٥.

۵۰۹