بشرط أن لا تكون من الجلود ، وإلاّ فمحكومة بالنجاسة إلاّ إذا علم تذكية حيوانها ، أو علم سبق يد مسلم عليها (١) وكذا غير الجلود وغير الظروف ممّا في أيديهم ، مما يحتاج إلى التذكية كاللّحم والشّحم والألية ، فإنّها محكومة‌


للخمر أو الميتة أو غيرهما من النجاسات كما يدل على طهارة الكتابي بالذات.

ومنها : طائفة ثالثة دلت على أن النهي عن الأكل في آنيتهم نهي تنزيهي (١) ولو كنّا نحن وهذه الروايات لحملنا الأخبار المانعة على التنزه وقلنا بطهارتهم ، جمعاً بين ما دلّ على نجاسة أهل الكتاب وما دلّ على طهارتهم ، وإنما لا نلتزم بذلك للشهرة العظيمة القائمة على نجاسة أهل الكتاب وارتكازها في أذهان المسلمين.

وكيف كان فالأخبار الواردة في المقام سواء دلت على طهارتهم أم دلت على نجاسة آنيتهم وأنفسهم لا نظر لها إلى بيان الحكم الظاهري والوظيفة الفعلية حال الشك في طهارتها ونجاستها ، فإنّها لو دلت فإنّما تدل على الحكم الواقعي وأنه الطهارة أو النجاسة ، وعليه فعند الشك في طهارة آنيتهم لا بدّ من الرجوع إلى استصحاب الطهارة أو قاعدتها لحكومة أدلة الأُصول على أدلة الأحكام الواقعية ، هذا كله فيما بأيديهم غير الجلود واللحوم والشحوم.

(١) اللحوم والجلود وغيرهما مما يحتاج إلى التذكية لا يجوز أكلها ولا الصلاة فيها إذا كانت بأيدي غير المسلمين لاستصحاب عدم التذكية ، وأما الحكم بنجاستها فقد ذكرنا غير مرة من أن النجاسة لم تترتب في أدلتها على عنوان ما لم يذكّ وإنما ترتبت على عنوان الميتة ، وأصالة عدم التذكية لا تثبت كونها ميتة بوجه وإن حرم أكلها ولم تصح فيها الصلاة ، اللهمّ إلاّ أن تكون هناك أمارة على التذكية من يد المسلم أو غيرها.

__________________

أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٤ ح ٣ ، ٦.

(١) كما في صحيحة إسماعيل بن جابر المروية في الوسائل ٢٤ : ٢١٠ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٤ ح ٤.

۵۰۹