بالأصل التنزيلي ولا يجري في غيره من الأُصول المثبتة للتكليف في أطراف العلم الإجمالي كأصالة الاحتياط عند العلم بجواز النظر إلى إحدى المرأتين ، لأنه لا مانع من الحكم بعدم جواز النظر إليهما من باب الاحتياط وإن علمنا بجواز النظر إلى إحداهما وسرّه أن الشارع لم يفرض المكلف عالماً بعدم جواز النظر واقعاً ، هذا كله فيما إذا قامت البينة على طهارة أحد الإناءين أو علمنا بطهارته من غير تعيين.

وأما إذا قامت البينة على طهارة أحدهما المعيّن أو علمنا بطهارته ثم اشتبه بغيره فقد بنى على عدم جريان الاستصحاب في الطرفين ، وذكر في وجهه زائداً على المناقشة المتقدِّمة وجهاً آخر وهو أن اليقين بالنجاسة في أحدهما المعيّن حال قيام البيِّنة على طهارته أو العلم بها قد انقطع وزال وسقط فيه الاستصحاب عن الاعتبار لتبدّل اليقين بالنجاسة باليقين بطهارته ، فاذا اشتبه بالآخر لم يمكن استصحاب النجاسة في شي‌ء منهما ، وذلك لاشتباه ما انقطعت فيه الحالة السابقة بغيره ، فالطرفان كلاهما من الشبهات المصداقية لحرمة نقض اليقين بالشك ولا يمكن التمسك فيها بالعموم أو الإطلاق.

وقد ظهر بما سردناه في المقام أن ما أفاده شيخنا الأُستاذ قدس‌سره لو تم فإنّما يتم في الأُصول الإحرازية التنزيلية ولا يجري في سائر الأُصول كأصالة الاحتياط في المثال ، فما ربما يقال من أنه لو تم لشمل الأُصول العملية بأسرها ولا يختص بالاستصحاب مما لا أساس له.

نعم ، لا تسعنا المساعدة على ما أفاده شيخنا الأُستاذ قدس‌سره وذلك لأنه إنما يتم فيما إذا كان اليقين والشك في كلا الطرفين مورداً لاستصحاب واحد بان شملهما شمولاً واحداً ، فان التعبد بالنجاسة في مجموعهما تعبد على خلاف العلم الوجداني بعدم نجاسة أحدهما ، فعلى تقدير أن يكون لنجاسة المجموع أثر شرعي كما إذا فرضنا أن لبسهما معاً محرم في الصلاة لم يمكن الحكم ببقاء النجاسة في مجموعهما باستصحاب واحد لأنه على خلاف ما علمناه بالوجدان. وأما إذا كان كل واحد من اليقين والشك في الطرفين مورداً للاستصحاب مستقلا فلا وجه لما أفاده ، وذلك لأن كل واحد من‌

۵۰۹