لا يجوز أن يتوضّأ منه وأشباهه » (١) بحسب السند والدلالة ، وإلاّ فهو مبني على الاحتياط.

وأمّا إزالة الخبث به ثانياً وثالثاً وهكذا فقد عرفت أنها هو الصحيح للإطلاق المتقدِّم تقريبه. وقد يقال بعدم الكفاية لموثقة عمار الآمرة بصب الماء في الإناء وتحريكه ثم تفريغه من الماء ، ثم صب ماء آخر فيه مع التحريك والإفراغ وهكذا إلى ثلاث مرّات (٢) بتقريب أن الغسالة لو جاز أن يغسل بها المتنجِّس ثانياً وثالثاً لم يكن وجه للأمر بإفراغ الإناء من الماء المصبوب فيه أولاً ثم صب ماء آخر فيه ، بل كان تحريك ذلك الماء فيه بعينه مرّة ثانية وثالثة كافياً في تطهير الإناء من دون حاجة إلى تفريغه منه أبداً ، فالأمر بتفريغه من الماء المصبوب فيه أوّلاً كاشف قطعي عن عدم كفاية الغسالة في إزالة الخبث بها ثانياً وثالثاً.

هذا ما ربما يتوهم في المقام ولكنه من الفساد بمكان لا ينبغي التعرض له ، وذلك لأن الموثقة أجنبية عما نحن بصدده ، حيث إنها من أدلة نجاسة الغسالة وكلامنا إنما هو في الغسالة الطاهرة ، وقد بيّنا في مورده أن غير الغسالة المتعقبة بطهارة المحل محكوم بالنجاسة ، وعليه فالوجه في أمره عليه‌السلام بإفراغ الإناء من الماء المصبوب فيه أوّلاً وثانياً إنما هو نجاسة الغسالة في المرّتين لعدم كونها فيهما متعقبة بالطهارة ، ومن الظاهر أن الماء المتنجِّس لا يكفي في تطهير مثله من الأشياء المتنجسة. وأما أمره عليه‌السلام بالافراغ في الغسلة الثالثة فهو أيضاً مستند إلى نجاسة الماء ، بناء على أنّ الغسالة مطلقاً نجسة ولو ما دامت في المحل ، وأمّا بناء على ما هو الصحيح من طهارة الغسالة حينئذ فالوجه في أمره عليه‌السلام أن الغسلة الثالثة لا يتحقق من غير إفراغ الإناء ، حيث إن مجرد صبّ الماء فيه لا يكفي في صدق الغسل عليه ما دام لم يفرغ من الماء. فليس الوجه في أمره عليه‌السلام بالصب في الغسلة الثالثة أن الغسالة الطاهرة لا تزال بها الخبث ثانياً وثالثاً.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢١٥ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٩٦ / أبواب النجاسات ب ٥٣ ح ١.

۵۰۹