كما في البرتقال والطماطة ، وليس هذا إلاّ من جهة أن الغسل بالماء مطهّر مطلقاً. نعم قد اعتبر الشارع في حصول الطهارة بذلك بعض القيود يأتي عليها الكلام في تفاصيل المطهّرات إن شاء الله ، هذا.

مضافاً إلى موثقة عمار الواردة في من يجد في إنائه فأرة ميتة وقد توضأ من ذلك الماء مراراً أو اغتسل منه أو غسل ثيابه ، قال عليه‌السلام : إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الإناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ... (١) لدلالتها على أن المتنجِّس بالماء المتنجِّس مطلقاً يطهر بالغسل.

وكيف كان فبالموثقة والاستقراء نحكم بأن الجوامد يطهّرها الغسل بالماء هذا ولكن بعض الجوامد غير قابل للتطهير بالاستهلاك ولا بالغسل ، لعدم استهلاكه في الأجزاء المائية ولا يتداخل الماء في أجزائه ليطهر بالغسل كما في الدهن الجامد إذا تنجس حال ميعانه ، فان مثله لا يستهلك في الماء لانفصاله عن الأجزاء المائية بالطبع ولا يرسب الماء في جوفه ، ويأتي ذلك في المسألة التاسعة عشرة إن شاء الله.

نعم ، لم يستبعد الماتن قدس‌سره الحكم بطهارة الدهن حينئذ فيما إذا جعل في ماء عاصم وغلى الماء مقداراً من الزمان فان الماء يصل بذلك إلى جميع أجزائه ، إلاّ أن الصحيح عدم كفاية ذلك في تطهيره على ما يأتي في محلِّه (٢) لأنّ الغليان إنما يوجب تصاعد الأجزاء وتنازلها وهذا لا يقتضي سوى وصول العاصم إلى السطح الظاهر من الأجزاء ولا يوجب تداخل العاصم ووصوله إلى جوفها. ونظيره الفلزات كالذهب والفضة وغيرهما إذا تنجست حال ذوبانها ، حيث لا يمكن الحكم بتطهيرها بشي‌ء لعدم استهلاكها في الماء وعدم رسوبه في جوفها حتى إذا فرضنا فرضاً غير واقع أن الفلز كالدهن يذوب بالغليان في الماء ، لما مرّ من أن الغليان الذي هو تصاعد الأجزاء وتنازلها لا يوجب سوى وصول الماء إلى السطح الظاهر من أجزائه ولا يقتضي تداخله ووصوله إلى جوفه ، هذا كلّه في الأجسام الجامدة.

__________________

(١) المروية في الوسائل ١ : ١٤٢ / أبواب الماء المطلق ب ٤ ح ١.

(٢) في ص ٧٣.

۵۰۹