وذهب ثلثاهما بحسب الكم كان الثلث الباقي من العصير أثقل من الثلث الباقي من الماء ، لكثافة الأوّل من جهة ذهاب الأجزاء المائية وبقاء المواد الأرضية والسكرية وخفّة الثاني لصفائه. وعليه فذهاب الثلثين وزناً يتأخر دائماً عن ذهابهما كيلاً ومساحة ، ومع كون النسبة بين الوزن والكم أي المساحة والكيل عموماً مطلقاً لا يمكن تحديد الحرمة أو هي مع النجاسة بهما بل لا بدّ من تحديدها بأحدهما.

وهل المدار على الذهاب وزناً أو على الذهاب كماً؟ لا بدّ في ذلك من النظر إلى الروايات لنرى أن المستفاد منها أيّ شي‌ء.

والكلام في تحقيق ذلك يقع في مقامين : أحدهما : فيما تقتضيه الأدلّة الاجتهادية. وثانيهما : فيما يقتضيه الأصل العملي.

أمّا المقام الأوّل : فقد يقال إن المعتبر هو الوزن ويستدل عليه بوجهين :

أحدهما : أن جملة من الأخبار الواردة في العصير دلّت على أنه إذا غلى حرم أو نجس أيضاً ، وهي بإطلاقها تقتضي بقاء حرمته أو نجاسته مطلقاً ذهب ثلثاه أم لم يذهبا. منها : رواية حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « سألته عن شرب العصير ، قال : تشرب ما لم يغل فاذا غلى فلا تشربه ... » (١) ومنها : حسنته عنه عليه‌السلام قال : « لا يحرم العصير حتى يغلي » (٢) ومنها : موثقة ذريح قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا نش العصير أو غلى حرم » (٣)

وفي قبال هذه الروايات جملة أُخرى دلت على أن الحرمة والنجاسة تزولان بذهاب ثلثي العصير وبقاء ثلثه ، وفي بعضها « أن ثلثيه للشيطان وثلثه لآدم عليه‌السلام » (٤) وهي تخصّص المطلقات المتقدِّمة بما إذا لم يذهب ثلثاه ، ولكنّها مجملة لإجمال المراد بالثلث والثلثين ، للشك في أن المراد منهما خصوص الوزني أو الكمِّي ومقتضى القاعدة في المخصصات المجملة المنفصلة الأخذ بالمقدار المتيقّن والرجوع في الزائد المشكوك فيه إلى العام ، والذي نتيقن بإرادته في المقام هو الوزني الذي يحصل‌

__________________

(١) ، (٢) ، (٣) الوسائل ٢٥ : ٢٨٧ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٣ ح ٤.

(٤) الوسائل ٢٥ : ٢٨٢ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٢.

۵۰۹