للتمسك بالاستصحاب. مع أن الشبهة حكمية.

وأمّا الثاني من الوجوه فلأن مقتضى إطلاق ما دلّ على مطهرية الغسل بالماء عدم الفرق بين ورود الماء على المتنجِّس وعكسه. ودعوى أن الدليل منصرف إلى صورة الورود تندفع بأن الغلبة لا تقتضي الانصراف. على أن الأغلبية غير مسلمة ، لأن الغسل بإيراد المتنجِّس المتقذر على الماء كما في إدخال اليد المتقذرة على الماء القليل أيضاً متعارف كثير ، وغاية الأمر أن الغسل بإيراد الماء عليه أكثر وهذا لا يوجب الانصراف بوجه.

وأمّا الوجه الثالث وهو العمدة من الوجوه المستدل بها في المقام ، فلأنه يرد عليه أن الأمر بالصب في الأخبار لم يظهر كونه بعناية اعتبار ورود الماء على النجس ، بل الظاهر أن الصب في قبال الغسل ، وإنما أمر به تسهيلاً للمكلفين فلم يوجب عليهم الغسل كما أوجبه عند تنجس ثيابهم فكأن الصب غسل ومحقق لمفهومه في الجسد ولا سيما أن مواضع الجسد مما يصعب إيراده على الماء القليل كما إذا تنجس بطن الإنسان مثلاً. ويدلُّ على ما ذكرناه حسنة الحسين بن أبي العلاء المتقدِّمة (١) حيث أمر فيها الإمام عليه‌السلام بصب الماء على الجسد مرّتين فيما إذا أصابه البول معللاً بقوله : « فإنما هو ماء » ودلالتها على أن إيجاب الصب دون الغسل بعناية التسهيل مما لا يقبل المناقشة ، فإن الجسد غير الثوب ونحوه مما يرسب فيه البول ، وبما أنه أيضاً ماء فيزول عنه بالصب من غير حاجة إلى الغسل.

هذا وقد يبدو من بعضهم أن بعض المطلقات كالصريح في عدم اعتبار الورود ، وهذا كما في صحيحة محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الثوب يصيبه البول؟ قال : اغسله في المِركَن مرّتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة » (٢) لأن الغسل في المِركَن بقرينة التقابل كالغسل في الجاري لا محالة ، فكما أن الغسل فيه إنما هو بإيراد النجس على الماء لوضوح أنه لو انعكس بأخذ الماء وصبه على‌

__________________

(١) في ص ١٢.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٢ ح ١.

۵۰۹