ومنها : صحيحة زرارة وحديد بن الحكيم قالا : « قلنا لأبي عبد الله عليه‌السلام : السطح يصيبه البول أو يبال عليه يصلى في ذلك المكان؟ فقال : إن كان تصيبه الشمس والريح وكان جافاً فلا بأس به ، إلاّ أن يتخذ مبالاً » (١) واستدلوا بهذه الصحيحة أيضاً في المقام لنفيها البأس عن الصلاة في المكان المتنجِّس بعد إصابة الشمس وجفافه وظاهرها أن ذلك من جهة طهارة المكان بالشمس ، لا أنه من جهة العفو مع بقائه على نجاسته كما قيل والوجه في الظهور أن زرارة وصاحبه إنما سألا عن الصلاة في المكان المتنجِّس لاعتقادهما عدم جواز الصلاة في الأرض النجسة وعدم ثبوت العفو عنه ، وهو عليه‌السلام لم يردعهما عن هذا الاعتقاد ، فقوله : « إن كان تصيبه الشمس ... فلا بأس به » بعد تقريرهما على ما اعتقداه ظاهر في طهارة الأرض المتنجسة بإصابة الشمس وتجفيفها. وأما قوله : « والريح » مع عدم مدخليتها في الحكم بالطهارة فلا بد من حمله على بيان أمر عادي ، حيث إن جفاف الأرض كما أنه يستند إلى إشراق الشمس وإصابتها يستند أيضاً ولو بمقدار قليل إلى هبوب الريح وجريان الهواء كما يأتي تفصيله ، فلا إشكال في الصحيحة من تلك الجهة.

نعم ، يمكن المناقشة في دلالتها بأن غاية ما هناك أنها دلت على جواز الصلاة في السطح المتنجِّس بعد جفافه بالشمس ، وهذا يجتمع مع القول بعدم طهارة المكان لجواز أن يكون ذلك مستنداً إلى العفو عنه ، ولا تقرير في الصحيحة بوجه بل هي رادعة عن اعتقادهما حقيقة. نعم لو كانت متضمنة لجواز الصلاة على السطح المتنجِّس بعد إصابة الشمس لم تكن خالية عن الإشعار للمدعى لعدم جواز السجدة على النجس ، وبين العبارتين من الفرق ما لا يخفى ، حيث إن الصلاة على الشي‌ء قد يستعمل بمعنى السجدة عليه ، وهذا بخلاف الصلاة فيه لأنه يصح أن يقال : صلى زيد في المسجد مع سجوده على غير المسجد من الترب والقرطاس ونحوهما ولا يصح استعماله بمعنى السجدة عليه.

ثم إن إطلاق قوله : « وكان جافاً » إما أن نقيده بما ذكر قبله ، ليكون معناه اعتبار‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٥١ / أبواب النجاسات ب ٢٩ ح ٢.

۵۰۹