إعجاز القرآن على مفهوم جديد :

وحين تحدّى القرآن بلغاء العرب ، وخفّف عليهم ثقل المعارضة ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ ... (١) ، ودعاهم إلى صنع ما عرض عليهم من نماذج قرآنيّة ليسهل عليهم معارضته ومشاكلته. فالمعنى الجديد في إعجاز القرآن هو إثبات استغناء القرآن عن كل ثقافة ، وحاجتها هي إليه ، وهو فوق الفكر البشريّ وانّه من عالم العلم الإلهيّ المطلق (٢).

نزعة التعايش المذهبي في تفسيره :

نهج هذا النهج الوحدوي في جميع آيات الأحكام التي نسخها المفسِّرون. وقد بدأ بإزالة هذا الاختلاف من رحاب القرآن ، وهو كتاب الهداية والتوحيد. فوضع اطروحته في صيانة القرآن ، وعصمته من التحريف زيادة ونقصاناً وقد نهج في التقارب بين المذاهب الإسلامية ، والتخفيف من حدّة التوتّر بينها. وحاول التعايش والوحدة بين طوائف المسلمين ، بالرجوع إلى أصل الإسلام ، وعصر الرسول. وقد عالج هذه الوحدة بتوحيد عقائد الأُمّة وثقافتها من خلال الكتاب العزيز ، وطرح ذلك من زاويتين :

الاولى : ما ألقاه خصوم الإسلام من التخرّصات والشبهات حول القرآن ، وقد أكّد في هذا العرض على إعجاز القرآن في حقائقه وتشريعاته وهداياته.

الثانية : ما أصاب الكتاب العزيز من انطباعات المفسِّرين للآيات التي بدأ لهم النسخ فيها ، من دون تمييز بين النسخ الجزئي ، والنسخ الكلِّي. فإن كان النّسخ صحيحاً عندهم كان من شأنه تعطيل كثير من الأحكام القرآنيّة ، وسقوطها عن العمل بها ، وإن يكن هذا النّسخ غير صحيح ، فتبقى آياتها متعارضة ، ومختلفة فيما بينها من دون تخريج. وقد عالج الإمام الخوئي تلك الآيات ، ورفع عنها التعارض والتناسخ. وأدلى بعاصميّة القرآن من هذا النّسخ المدّعى.

__________________

(١) البقرة : ٢٣.

(٢) راجع مقدّمة البيان ( بين يدي الكتاب ) ، للكاتب.

۵۳