وذكر مؤلِّف كتاب ( النسخ في القرآن ) شقّاً آخر من النّسخ ، وهو : ( النسخ قبل دخول الوقت ) بقوله : ( ثمّة واقعة خامسة يستدلّون بها ، هي الإجماع على أنّ الله تعالى أمرنا بالصّوم عاما ، جاز أن ينسخه بعد شهر واحد ، وذلك نسخ للصوم في باقي العام قبل دخول وقته ).

ثمّ قال : ( بقيت واقعة وحيدة يُروى منها أقوى أدلّتهم ، وهي الصّلوات الخمس المكتوبات للخمسين التي فُرِضَت ليلة المعراج على ما هو مشهور في الأحاديث الصِّحاح التي ذكرت قضيّة المعراج ، وما كان فيها من لقاء محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله لموسى عليه‌السلام ، واستتبعه هذا اللِّقاء من تكرار التوجّه إلى الله بطلب التخفيف حتّى أصبحت خمساً ، وكانت خمسين .. وجعل أجرهنّ مع ذلك أجر خمسين ... إنّ الحديث يُروى عن الله عزّ وجلّ ، بعد النسخ إلى خمس. أنّه قال‌ هي خمس وهي خمسون لا يُبدّل القول لديّ‌ ) (١).

ونقل مثل ذلك : صاحب البحار عن الصادق عليه‌السلام قال : ( جزى الله موسى عن هذه الأُمّة خيراً ) (٢).

وهذا هو معنى البداء الذي تقول به الشيعة ، ويعبِّر عنه القرآن بالمحو والإثبات ﴿ يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ وهو إثبات تقدير ، ومحوه بتقدير آخر ، قبل نزوله ووقوعه (٣).

ويمكن أن يُناقش هذا الفرض من النسخ بأنّه لم تنزل به آية ليتحقّق النّسخ. وقد حدّد الإمام الخوئي معنى النّسخ وعرّفه بقوله : ( هو رفع أمر ثابت في الشريعة الإسلامية بارتفاع أمده وزمانه ... وإنّما قيّدناه بالرّفع بالأمر الثابت في الشريعة ليخرج به ارتفاع الحكم بسبب ارتفاع موضوعه ، كارتفاع وجوب الصّوم بانتهاء رمضان ) (٤).

__________________

(١) النسخ في القرآن ، للدكتور مصطفى زيد ١ / ١٨٦ ١٨٧.

(٢) البحار ١٨ / ٣٣٠ ٣٣١.

(٣) البيان في تفسير القرآن / ٤٠٧ ، راجع تفاصيل موضوع البداء.

(٤) البيان في تفسير القرآن / ٢٩٦.

۵۳