إبداعاته في علوم القرآن :

وفي الوقت الذي كان يسعى جاهداً للحفاظ على مقدّرات الحوزة العلميّة ، ومتطلّباتها ، وإصلاح مناهجها ، كان يطرح فيها أُمّهات العلوم الإسلامية ، تنشيطاً لحركتها ورسالتها العلميّة والإسلامية ، وفي مقدّمتها دراسته للقرآن الكريم ، والإنارة بعلومه ، في حين كانت الحوزة العلميّة عازفة عن الاهتمام بها ، بما فيها آيات الأحكام الجانب الفقهي في القرآن وكانت تتّجه فيها إلى نزعة التقليد ، وفي علم الحديث والرِّجال أيضاً ، وكل ذلك من ركائز الاجتهاد وأركانه.

فحفّز الامام الخوئي الحوزة العلميّة على أن تتّجه إلى هذه العلوم ، فكان قدوة لها ، وكان من ثمار ذلك ، وامثولتها ، كتاب ( البيان في تفسير القرآن ) الذي ألقى الكثير من بحوثها على الفضلاء من طلاّبه ، ليتدرّجوا على أسلوبها ومناهجها ، وكتاب ( معجم رجال الحديث وطبقات الرّواة ). كما عقد العزم على إعداد حقل آخر من العلوم الإسلامية ، وهو فقه الخلاف المقارن ، وخاصّة في ( فقه القرآن على المذاهب الخمس ) (١). إلاّ أنّه لم تواته ذلك للظروف العصيبة ، غير الملائمة ، من تمزّق الحوزة ، وإجلاء الفضلاء المبرّزين ، ممّن يستطيعون أن يعوا دقائق هذه العلوم ، ويهتدوا إلى لبابها.

المنهج التفسيري للإمام الخوئي :

كان الإمام الخوئي ، وآية الله الطباطبائي مؤلِّف ( الميزان في تفسير القرآن ) زميلي دراسة في علوم القرآن عند آية الله البلاغي في النجف الأشرف ، وهو إمام المفسِّرين في عصره ، وقد وصفه الإمام الخوئي بـ ( بطل العلم المجاهد ) (٢).

وقد غلب في بعض الأبحاث الجانب الفلسفي في كتاب ( الميزان ) ، وغلب على ( البيان ) الجانب الفقهي فيها.

( ... وعلى ما أعهد ، فإنّه كان محيطاً بالأبحاث الفلسفيّة ، إذ كلّما دعت المناسبة ضمن‌

__________________

(١) لاحظ مقدّمة البيان ( بين يدي الكتاب ) ، للسيد الحكمي.

(٢) البيان في تفسير القرآن ، للإمام الخوئي / ١١٩.

۵۳