التصديق بذيها. وهكذا نعرف أن هذه الآلية تختص بالدال التصوري.
وقد يكون من أجل ذلك ـ لا لبعض ما تقدم ـ نفي السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ الآلية والمرآتية على مسلك التعهد ، لأن الدلالة الوضعيّة على هذا المسلك دلالة تصديقية.
الثالث : اتضح مما سبق : أن الآلية والمرآتية في الاستعمال يرجع إلى معنى يقابل التوجه والالتفات من النّفس. وقد يتوهم : تفسيرها بمعنى ملاحظة اللفظ كأنه المعنى ، لا مجرد عدم التوجه إليه بل التوجه إليه بما هو عين المعنى ومندك فيه ، وهذا النحو من الآلية لا موجب لها على ضوء الوجوه السابقة بل غير معقول في المقام. وتحقيق ذلك : أن فناء شيء في شيء واندكاكه فيه ، تارة : يكون بمعنى وجوده بتبع وجوده ، بحيث يكون لكل منهما وجود في العالم الّذي تحقق فيه فناء أحدهما في الآخر غير ان وجود أحدهما وجود تبعي بالإضافة إلى الآخر لكونه محض الربط والتعلق به ، كما يقال في وجود الممكنات بالنسبة إلى الواجب ووجود النسبة بالإضافة إلى طرفيها. وأخرى : يكون بمعنى النّظر إلى الفاني كأنه المفني فيه بحيث يرى المنفي فيه برؤية الفاني ، فليس للمفني فيه وجود في عالم الفناء أصلا وإنما الموجود هو الفاني وفناؤه بمعنى أن التوجه إليه بما انه هو المفني فيه لا بما هو فكأن المفني فيه يرى برؤية الفاني ، وهذا هو سنخ فناء كل عنوان في معنونه. وكل من هذين النحوين غير معقول في اللفظ مع المعنى. أما الأول فواضح ، لأن اللفظ بالإضافة إلى المعنى ليس كالنسبة بالإضافة إلى طرفها. وأما الثاني ؛ فلان تعقل المرآتية بنحو يرى هذا الشيء بما هو الشيء الآخر لا يكفي فيه مجرد اعتبار كون أحدهما عين الآخر ، لأن هذا الاعتبار إنما يجعل ملاحظة الذهن للفظ ملاحظة للمعنى بالاعتبار والعناية لا أن الملاحظ للفظ يرى بوجه ما المعنى حقيقة من خلال اللفظ وان اللفظ يكون فانيا في أفق هذه الرؤية ، بل لا بد لتعقل المرآتية والفناء بهذا النحو بين شيئين أن يكون بينهما نحو وحده واقعية من قبيل الصورة الذهنية مع ذيها والعنوان مع المعنون ، فأنت إذا أحضرت صورة ذهنية للإنسان فهناك في صقع ذهنك تصور ومتصور موجود بنفس ذلك التصور والتصور كيف نفساني وليس إنسانا والمتصور إنسان وليس كيفا وفي هذه الحالة يمكنك أن تلحظ التصور لا بما هو تصور بل بما هو عين المتصور لأن هذه العينية واقعية فترى حينئذ الإنسان لا الصورة ويقال عند