وقد أحدث الإمام الخوئي في الحوزة العلميّة حركة علميّة جبّارة ، دفع بأمثال العلاّمة المظفّر إلى أن يضع في أُصول الفقه كتاباً يقارب فيه بين الدراسة على مستوى السطوح ، وبين خارجها ، ينشد فيه الإبداع والتجدّد. ولذلك عرض عامّة الجزء الأوّل من كتابه ( أُصول الفقه ) على الإمام الخوئي. وكان يلاحظ عليه ما يساعده على إدخال التقارب بين الدراسات الأُصوليّة المختلفة المراحل.

وقد أشاد الإمام الخوئي في مقدّمة الكتاب بقوله : ( إنّ الكتب الأُصوليّة التي نسخ كثير من مسائلها ، وأقوالها ، هي التي يدرسها الطالب المبتدئ والمتوسِّط اليوم ، ولذلك فإنّ الطالب حينما يصل إلى الدرس العالي ، يجد أنّه لا علاقة بين ما تعلّمه ، وبين ما يتعلّمه. وكنتُ منذ زمن بعيد أرغب أن يؤلّف كتاب في هذا العلم تلائم أبحاثه الأبحاث العالية ، ويعمّم تدريسه على طلاّب العلوم الدينيّة ، حتّى قدّم العلاّمة الحجّة الشيخ محمّد رضا المظفّر دامت تأييداته ما رتّبه من مباحث أُصوليّة في القسم الأوّل من كتابه ( مبادئ علم الأُصول ) ترتيباً جميلاً ، فألفيته بحمد الله وافياً بالمقصود ، وجامعاً لموجز من القواعد والأُصول ، التي تدور عليها الأبحاث في عصرنا الحاضر. وجدير بطالب العلم أن يدرس هذا الكتاب ، ليتهيّأ بذلك للانفتاح على الدراسات العالية. ونسأل الله أن يوفِّق المؤلِّف دام فضله لإنجاز القسم الثاني من كتابه. والله وليّ التوفيق حرّره في الليلة الحادية عشر من شهر ربيع الأوّل سنة ١٣٧٧ ه‍ الخوئي ) (١).

على أنّ الكتاب الذي أشاد به ، وأوصى طلاّب العلم بدراسته ، لا يمثِّل كلّه وجهة نظر الإمام الخوئي في علم الأُصول ، وما أبدع فيه من تجديد حرفاً بحرف. ولأُستاذنا الحجّة المظفّر مختارات في الأُصول لم يتخلّ عنها بحال من الأحوال.

ومن المسلّم : أنّه تخرّج على يديه العشرات من الفضلاء المبرزين ، الذين بلغ كثير منهم درجة الاجتهاد ، ولتكاثر حوزته ، واتّساع المهاجرين إليها ، لم يعد من المقدور عدّهم وإحصاؤهم ، عدا الأعلام منهم ، ممّن اشتهروا بآثارهم ، وعُرِفوا بمكانتهم في الأوساط العلميّة والمرجعيّة الدينيّة ، وإدارة الحوزات العلميّة.

__________________

(١) أُصول الفقه ، للعلاّمة الشيخ محمَّد رضا المظفّر ، مقدّمة الطبعة الاولى ، وكان ذلك بخط الكاتب.

۵۳