من احتمال نصب قرينة على خلاف المعنى الحقيقي ، اما مع العلم بالمراد والشك في انه معنى حقيقي أو مجازي للشك في نصب قرينة فلا يتمسكون بأصالة الحقيقة ، ولذلك اشتهر ان الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز.
وبالجملة : للشك في نصب قرينة موردان : أحدهما ما يشك فيه في أصل المراد ، فانه ينشأ من الشك في القرينة. والآخر : ما يشك في نحو المراد وانه حقيقة أو مجاز للشك في نصب قرينة. وأصالة الحقيقة تجري في الأول دون الثاني الّذي هو موضوع الكلام فيما نحن فيه ، فأصالة الحقيقة انما تجري لإثبات إرادة المعنى الحقيقي ، ولا تجري لإثبات حقيقة المعنى المراد (١).
منها : عدم صحة السلب وصحته ، أو صحة الحمل وعدم صحته : فان الأول علامة الحقيقة والثاني علامة المجاز.
ولا بد قبل تقريب ذلك من بيان المراد من صحة الحمل أو السلب ، إذ قد يتوهم عدم المعنى له ، إذ الغرض معرفة وضع لفظ لمعنى فما هو شأن المحمول والموضوع؟ والحقيقة ان المراد منه هو حمل المعنى المشكوك وضع اللفظ له على اللفظ بما له من معنى ارتكازي أو بالعكس ، بان يحمل اللفظ بما له من المعنى على المعنى المشكوك وضعه له ، فان صح الحمل كان دليلا على الحقيقة وإلاّ كان قرينة على عدم وضع اللفظ له. فالمأخوذ محمولا أو موضوعا هو اللفظ بما له من معنى ، لا اللفظ بما انه لفظ كي يقال بأنه لا معنى للحمل. وإذا تبين ذلك : فتقريب كون صحة الحمل علامة للحقيقة هو ان الحمل على نحوين :
الأول : حمل أولي ذاتي ، وملاكه الاتحاد بين الموضوع والمحمول مفهوما.
والثاني : حمل شائع صناعي ، وملاكه الاتحاد بينهما وجودا.
وعليه ، فإذا شك في لفظ كلفظ « إنسان » في انه موضوع لمعنى كـ :
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ١١٤ ـ الطبعة الأولى.