لا يستلزم تأخر لحاظه عن لحاظ الأمر ، فان المعلولية انما تستلزم التأخر الرتبي لا اللحاظي ، إذ يمكن لحاظ المعلول قبل لحاظ العلة ، بل بدون لحاظ العلة بالمرة وهذا أمر واضح.
ولكن عبارة المقالات تشير إلى ما ذكرناه في بيان المحذور من كون التقدم والتأخر في الملحوظ لا اللحاظ فتدبر.
هذا كله في أخذ قصد الأمر في متعلقه بنفس ذاك الأمر. اما أخذه فيه بأمر آخر :
أخذ قصد الأمر في متعلقه بأمر آخر
فقد قيل : بجوازه عقلا ، فيجوز ان يتعلق الأمر بذات الفعل وأمر آخر. بتعلق بالفعل بداعي أمره الأول ، إذ لا يرد عليه شيء من المحاذير السابقة كما لا يخفى على المتأمل فلا حاجة إلى بيان ذلك (١).
إلا ان صاحب الكفاية رحمهالله استشكل في صحة ذلك عقلا. وانتهى بإشكاله إلى منعه بحكم العقل أيضا.
وتقريب ما أفاده : ان الغرض من الأمر الثاني انما هو جعل الأمر الأول تعبديا ، بمعنى عدم سقوطه وحصول الغرض منه بدون قصد القربة ، وليس له داع غير ذلك كما هو الفرض. وعليه فإذا أتى العبد بالفعل بدون قصد امتثال امره فلا يخلو الحال ثبوتا عن أحد نحوين : اما ان يسقط الأمر الأول أو لا يسقط. فإذا سقط الأمر الأول وانتفى موضوع امتثال الأمر الثاني كما لا يخفى كشف سقوطه عن عدم صيرورته بالأمر الثاني تعبديا ، إذ لو كان تعبديا لم يكن يسقط بدون قصد القربة ، فلا يحصل الغرض المطلوب من الأمر الثاني وهو تعبدية الأمر الأول به ، فيكون الأمر الثاني لغوا لعدم ترتب الأثر المرغوب عليه. وان لم يسقط
__________________
(١) كلانتري الشيخ أبو القاسم. مطارح الأنظار ـ ٦٠ ـ الطبعة الأولى.