« اللفظ والاستعمال »

هذا البحث لم يعنون في الأبحاث بعنوان مستقل ، وانما يشار إليه في ضمن الأبحاث الأخرى المتعلقة بالاستعمال.

والمقصود منه بيان حقيقة استعمال اللفظ في المعنى. والأقوال فيها متضاربة ـ فمنهم من يرى انه إفناء اللفظ في المعنى وإلقاء المعنى باللفظ (١). ومنهم من يرى انه جعل اللفظ علامة للمعنى كغيره من العلامات (٢) ـ والمتعارف على الألسن في تحرير النزاع المذكور ، هو ان الاستعمال هل هو من قبيل جعل اللفظ علامة للمعنى كغيره من العلامات أو لا؟ وظاهر ان تحرير النزاع على هذا النحو لا يخلو عن شائبة المنع ، لافتراق وضع سائر العلامات عن وضع اللفظ والدلالة الوضعيّة فيهما من جهتين :

الأولى : أن الدلالة الوضعيّة الناشئة بالاستعمال دلالة تصورية ، إذ لا يترتب على ذكر اللفظ سوى تصور المعنى لا غير ، بخلاف دلالة العلامات ، فانها دلالة تصديقية لأن الانتقال منها إلى مدلولها انتقال تصديقي كما هو ظاهر.

الثانية : ان دلالتها ليست بالاستعمال ، فان واضع العلامة لم يقصد حال الوضع التفهيم والكشف عن المدلول بها ، وانما وضعها لينتقل بملاحظة وجودها إلى ذي العلامة ، فالانتقال المتأخر عن الوضع ليس من توابع استعمال ما بل من توابع نفس وجود العلامة والعلم بالوضع لهذه الجهة.

وبالجملة : فتحرير الكلام بهذا النحو غير وجيه ، بل لا بد من تحريره بنحو يكون جميع أطراف احتمالاته من نحو الاستعمال وقبيله.

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٢٠٨ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۸۱