« الحيوان الناطق » أولا ، فإذا حمل الإنسان بما له من المعنى على الحيوان الناطق أو بالعكس فقيل : « الإنسان حيوان ناطق ، أو الحيوان الناطق إنسان » بالحمل الأولي الذاتي وصح الحمل كان مقتضاه اتحاد معنى الإنسان الارتكازي مع الحيوان الناطق وانه عينه ، فيستكشف بذلك وضع لفظ الإنسان للحيوان الناطق. فدلالة الحمل الأولي الذاتي على الوضع لأنه بملاك الاتحاد المفهومي ، فصحته تعني اتحاد معنى اللفظ الارتكازي مع نفس المعنى الّذي يشك في وضع اللفظ له ، وذلك دليل الوضع له كما لا يخفى.
وأما الحمل الشائع الصناعي ، فدلالته على الوضع من جهة ان ملاكه الاتحاد في الوجود ، فإذا علم ان هذا الفرد وجود لمعنى معين ، فإذا حمل عليه اللفظ بما له من المعنى على الفرد بما انه وجود لذلك المعنى المعين فصحته تعني ان الفرد بما انه وجود للمعنى المعين وجود للمعنى المرتكز للفظ ، وذلك معناه اتحاد المعنيين الكاشف عن وضع اللفظ للمعنى المعين وإلاّ لما كان الفرد بما انه وجود لأحدهما وجودا للآخر. وذلك نظير حمل الإنسان لما له من المعنى على زيد بما انه وجود للحيوان الناطق ، فان صحته كاشفة عن وضع لفظ الإنسان للحيوان الناطق بالتقريب الّذي ذكرناه. وبذلك يظهر اختصاص دلالة الحمل الشائع على الوضع بما إذا كان الحمل بين الكلي وفرده ، أما إذا كان بين كليين متساويين أو بينهما عموم وجه فصحة حمل أحدهما على الآخر لا تكشف عن الوضع ، وذلك لأن أساس الكشف يبتني على ان الموضوع لوحظ فيه كونه وجودا للمعنى الّذي يشك في وضع اللفظ له ، وأخذ موضوعا بهذا القيد ، ولا يبتني على مجرد دلالة الحمل على الاتحاد في الوجود ، إذ قد يكون فرد واحد فردا لكليين متغايرين من جهتين لكنه بما هو فرد لأحدهما ليس فردا للآخر.
وعليه ، ففي صورة حمل أحد المتساويين على الآخر أو أحد العامين من وجه على الآخر ، لم يفرض الا بيان اتحاد الموضوع والمحمول وجودا لا غير ـ لا