الدواعي القربية

وبعد كل هذا لا بأس بصرف الكلام إلى تحقيق ما يتحقق به التقرب وما به قوام العبادة.

وقد أفاد المحقق الأصفهاني في هذا المقام ما حاصله : ان استحقاق المدح والثواب عقلا على شيء يتوقف على أمرين :

الأول : ان ينطبق عنوان حسن بالذات أو بالعرض عليه ، وإلاّ فمجرد المشي إلى السوق لا يمدح عليه العقلاء ما لم يتعنون بعنوان حسن ، حتى إذا جيء به بداعي الأمر لأن الداعي المذكور لا يوجب المدح ما لم يوجب تعنون الفعل بعنوان حسن.

الثاني : ان يؤتى به مضافا إلى من يستحق من قبله الثواب والمدح ، فان الفعل بدون ارتباطه بالمولى نسبته إلى المولى وغيره على حد سواء. وارتباط الفعل بالمولى تارة : يكون بنفسه كتعظيم المولى. وأخرى : بواسطة الأمر كالصلاة فانها بنفسها لا يمكن ربطها بالمولى ، لأنها ليست من الأفعال المضافة إلى الغير نظير التعظيم.

وعليه ، فالإتيان بالفعل بداعي الأمر يكون موجبا لاستحقاق المدح ، لأنه بذلك يتعنون بما هو حسن في نفسه وهو الانقياد والإحسان مع ارتباطه بالمولى بقصد امره. اما الإتيان به بالدواعي القربية الأخرى كداعي أهلية المولى أو الشكر والتخضع أو المصلحة أو تحصيل الثواب والفرار من العقاب ، فلا يوجب مدحا ولا ثوابا. بيان ذلك :

اما داعي أهلية المولى ، فموضوعه العبادة الذاتيّة ، وهو ما كان حسنا في

۵۲۸۱