واستلزام عدم صحة إِضافة اسم المصدر إلى ذات كقولنا « غسل زيد » للزوم التهافت بين مدلوله ومدلول هيئة الإضافة. ممَّا لا موجب له فانَّه يكفي في إِفادة عدم هذا التقييد ان لا يكون المصدر موضوعاً للتقييد المذكور لا أن تكون موضوعة بهيئتها لإلغائه.
وإِن أريد دلالة اسم المصدر على عدم الانتساب من ناحية وان انتسب بدوالٍ أخرى. فهذا المعنى ممَّا لا يحتاج إلى الوضع بل يحصل بعدم الوضع للخلاف ، كما في الأسماء الجامدة على أنَّ ما يقابله حينئذ أن تكون هيئة المصدر موضوعة للدلالة على الانتساب ، وهو رجوع إلى المحاولة الأولى التي استنكرها المحقق المذكور.
ويمكن تصوير دلالة الهيئة المصدرية على معنى حرفي بنحو ثالث يختلف عن الوجهين السابقين ، ولعلَّه هو المحصل الحقيقي لهما ، وهذا الوجه هو ما أشرنا إِليه في الجهة السابقة من كون الهيئة موضوعة للدلالة على خصوصية في مدلول المادة قائمة به قيام المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي من دون أن تكون هذه الخصوصية نسبة بالمعنى الّذي يحتاج إلى طرفين ، ولا تكون الذات على هذا مأخوذة في مدلول الهيئة أصلاً. وتندفع بذلك جلّ الإشكالات السابقة ، ويعقل التمييز على أساس ذلك حينئذ بين المصادر وأسماء المصادر باعتبار وضع هيئة المصدر لما ذكرناه وعدم وضع هيئة اسم المصدر لشيء وتمحضه في مدلول المادة فتكون النسبة بين المدلول الجمعي للمصدر والمدلول الجمعي لاسم المصدر نسبة الكلّ إلى الجزء ، وعلى هذا الأساس لا معنى لافتراض وحدة الصيغة للمصدر ولاسم المصدر ، فانَّ هذا انَّما يتعقّل إِذا فرضنا التباين بين المعنيين ولو بلحاظ مفاد الهيئة ، فيمكن افتراض صيغة واحدة موضوعة لكلّ منهما على نحو الاشتراك اللفظي ، وامَّا إِذا كان الفارق بينهما مجرّد تمحّض اسم المصدر في الدلالة على مدلول المادة وزيادة المصدر على ذلك فمع وحدة الصيغة وكون هيئتها موضوعة لمعنى إضافي لا يحصل التمحّض فلا يمكن جعلها بلحاظ اسم المصدر. وليس الكلام في التفرقة بلحاظ مرحلة المدلول التصديقي حتى يقال أنَّها تكون اسم المصدر حين لا يراد من هيئتها شيء وإِنَّما الكلام في التفرقة بين المصدر واسمه في مرحلة المدلول التصوري. ولكن الصحيح أنَّه لا معين لكون هذا المعنى الإضافي مدلولاً لهيئة المصدر.