أصل المفهوم الاسمي محفوظاً فيها معاً على نحو واحد ، ومثاله ان المادة المحفوظة في المصدر والفعل موضوعة للضرب مثلاً ولكن الضرب كمفهوم يمكن حفظه في الذهن بإحدى صورتين ، الأولى الصورة التي تبدأ بالضرب وتنتهي إلى الضارب بأن يلاحظ الضرب بما هو صادر ، والأخرى الصورة التي تبدأ للضارب وتنتهي إلى الضرب بان يلاحظ صدور الضرب وتحرك الفاعل نحوه ، وكلّ من الصورتين منتزعة عن الضرب وان اختلفا في كيفية التصور ، وهذا الاختلاف لا يرجع إلى اختلاف في جانب المتصور ، بل في التنسيق الذهني للمتصور ومن هنا لا يصحّ أن يُدّعى مثلاً ان الهيئة تدل على جزء تحليلي من التصور ، والمادة تدلّ على الجزء الآخر ، إذ لا يوجد فرق في جانب المتصوّر ، وانَّما الفرق في كيفية أخذ الصورة ذهناً من قبيل أخذ الرسام لصورتين مختلفتين لشخص واحد من اليمين تارة ومن اليسار أخرى ، وعليه فالجانب المفهومي هنا وهو ذات المتصور مدلول للاسم فقط ولا يساهم الحرف أي هيئة الفعل أو المصدر فيه ، وانَّما الهيئة تساهم في تحديد الصورة ، لأن الاسم لا يشرط تجاه إحدى الصورتين ، فيكون الحرف مشروطاً بتعين إحدى الصورتين ، ويكون المدلول النهائيّ للكلمة مادة وهيئة ، تلك الصورة المعيّنة للمادة ببركة الهيئة وهذه الصورة يختلف فيها المصدر عن الفعل بالنحو الّذي ذكرناه ، وبهذا لا يلزم جعل الهيئة الهيئة ذات مدلول اسمي ، لأن وظيفتها كما عرفت تحديد الصورة التي بإزاء مدلول المادة ولا تساهم في الجانب المفهومي للمدلول أصلاً ، ولا يُتوهم انَّ بالإمكان إرجاع حروف القسم الأول إلى ذلك أيضا بان يقال ان « في » تدلّ على الصورة الذهنية للنار بما هي مظروفة ومحتواة ، وذلك لأن هذه الصورة تحتوي على زيادة مفهومية عن المدلول الاسمي لكلمة النار ، وليس فرقها عن صورة ذات النار فرقاً تصويريّاً وفي طريقة أخذ الصورة ، وتلك الزيادة المفهومية لا محالة تكون مدلولاً للحرف ولا بدَّ من إرجاعها حينئذ إلى النسبة الظرفية.

الفرضية الثانية : أن يقال انَّ هيئة الفعل الماضي موضوعة لنسبة تامة تصادقية وهيئة الجملة الفعلية لا تدلّ على النسبة التامة بل على تعيين طرفها في الفاعل ، وامَّا النسبة الصدورية فهي مأخوذة في نفس مدلول المادة امَّا افتراضاً وامَّا برهاناً بناء على انَّ الهيئة موضوعة بالوضع النوعيّ بلحاظ مختلف المواد ، فانَّه بناء على ذلك مع

۳۹۱۱