والمضاف إليه وانَّما تفيد أصل العلاقة الملائمة مع أنحاء مختلفة منها خلافاً للحروف فانَّ كلّ واحد منها يتضمّن مدلولاً خاصاً به زائداً على أصل الارتباط والنسبة إلى المجرور ، فأنت تقول مثلاً « الضرب من زيد » فيفيد صدوره منه و « الضرب على زيد » فيفيد ووقوعه عليه وتقول « ضرب زيد » فيلائم كلا الأمرين.
وهكذا يتبرهن : انَّه لا يمكن إرجاع حروف الجرّ إلى الإضافة واعتبارها تقوم بدور الوسيط لتسهيل عملية الإضافة حيث لا يمكن الإضافة المباشرة. نعم هناك في رأينا معنى آخر دقيق لاكتشاف الدور المشترك لحرف الجرّ والإضافة مع عدم طمس معالم الفرق بينهما سوف نتعرّض له فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وحيث ثبت من خلال النقاط المتقدمة وجود فارق في المدلول بين مفاد الإضافة ومفاد الحروف الجارة فسوف نواجه السؤال عن جوهر هذا الفرق وتحديد ما هو المعنى الموضوع بإزائه كلّ منهما. وفي مقام علاج هذه النقطة يمكن أن نطرح عدّة فرضيات نحاول في كلّ منها تفسير وتشخيص جوهر الفرق بين مفاد الإضافة والحروف.
لنرى أنَّ أيّاً منها تستطيع أن تفسّر الفرق بنحو لا نتنازل معه عن شيء من وجداناتنا اللغوية التي أبرزناها من خلال النقاط الأربع المتقدّمة فتكون هي النظرية الصحيحة لتشخيص مدلول الحروف والإضافة على ضوئها.
١ ـ انَّ الإضافة موضوعة للدلالة على التحصيص وتضييق دائرة صدق الاسم المضاف ، فكلمة « ماء » مثلاً مفهوم عام ينطبق على كلّ من ماء النهر والكوز والإناء ولكن بسبب إضافته إلى الكوز مثلاً يتحصص مفهومه وتتحدد دائرة صدقه بخصوص ماء الكوز ، ومن هنا كان المضاف والمضاف إليه في قوّة مفهوم واحد هو مفهوم الحصة الخاصة.
وامَّا الحروف فتدلّ على نسبة معيّنة خارجية بين طرفين أو أكثر ولهذا كانت تفيد نوعية العلاقة والنسبة بين أطرافها.
وهذا الوجه يمكن أن يفسّر لنا وجداناتنا المتقدمة فانَّه إذا افترض أن الإضافة لمجرَّد تحصيص المعنى العام وتقييده والحروف للدلالة على النسب الخارجية فاستفادة تلك النسب من الحرف دون الإضافة أمر منسجم حينئذ كما أنَّ عدم إمكان تبديل الحرف