من واد واحد. وذلك كما يلي :
١ ـ انَّه في كثير من الموارد نجد إمكان الإضافة المباشرة لما يدّعى انَّ حرف الجر يقوم بدور إضافته إلى المجرور ومع ذلك لا يمكن الاستغناء فيها عن الحرف ، كما في قولك « سفرك أطول من سفري » أو قولك « زيد قائم في الدار » فان كلاَّ من « أطول » و « قائم » اسم قابل للإضافة ومع ذلك لا يصحّ أن نستغني في المثالين عن الحرف بإضافتهما إلى المجرور.
٢ ـ انَّ هذه النظرية لئن أمكن تطبيقها على مثل حرف « من » في المثال فهي لا تنطبق على أكثر حروف الجرّ كالكاف وحاشا وربّ وغيرها. فقولنا « زيد كعمرو » لا يمكن أن يكون كاف الجر فيها من أجل إضافة ما قبلها إلى ما بعدها. إذ لا يعقل إضافة زيد إلى عمرو ولا إضافة « كائن » أو « مستقرّ » إليه ـ بناء على تقديره في أمثال المقام كما يقوله النحويّون وإن كان لا يوافق عليه الباحث المذكور ـ بل حرف « حاشا » يعطي معنى السلب والاستثناء وهو على العكس من الإضافة تماماً يقتضي تخصيص الحكم بغير المجرور.
ودعوى : إرجاع مثل هذه الحروف إلى الأسماء فالكاف بمعنى « مثل » وحاشا بمعنى « غير » مضافاً إلى عدم التزام الباحث المذكور به. مندفعة : بأن أي حرف بالإمكان اقتناص مفهوم اسمي منتزع عنه كما تنتزع الظرفية من « في » والابتداء لـ « من » وهكذا. ولكن مثل هذه المفاهيم الاسمية المنتزعة ليست هي معاني الحروف بل منتزعة عمَّا هو معناها.
٣ ـ من جملة الفوارق بين حروف الجرّ والإضافة انَّ الحروف يمكن استعمالها بين أطراف جزئية مشخصة فتقول مثلاً « زيد في هذه الدار » ولكن الإضافة لا يمكن أن تكون بين طرفين مشخصين بل يشترط في المضاف دائماً أن يكون مفهوما كليّاً وهذا تعبير آخر عمَّا يقوله النحاة من اشتراط أن يكون المضاف نكرة ولا يشترط ذلك فيما يتعلّق به حرف الجر.
٤ ـ وأخيراً حكم الوجدان لمن يقارن بين موارد الإضافة وموارد استعمالات حروف الجرّ بأن الإضافة لا تفيد من ناحيتها نوع النسبة والعلاقة بين المضاف