جميع المكلفين ، كما سيأتي في القواعد الفقهية الاستدلالية.

والتحقيق : أن ما يسمى بالقواعد الفقهية على أقسام.

الأول : ما ليس قاعدة بالمعنى الفني للقاعدة ، وذلك كقاعدة ( لا ضرر ) فان المعنى الفني للقاعدة يتقوم بأن تكون القاعدة أمرا كليا ذات نكتة ثبوتية واحدة بحيث ترجع إلى حقيقة واحدة ، فإن كانت القاعدة من المجعولات التشريعية كحجية خبر الثقة أو قاعدة الضمان باليد فوحدتها بوحدة الجعل الموجد لها تشريعا ، وإن كانت القاعدة من غير المجعولات كقاعدة الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته فوحدتها بوحدة تقررها الثبوتي بوصفها حقيقة واحدة ثابتة في نفس الأمر ، ومفاد ( لا ضرر ) ليس إلا مجموعة من التشريعات بالعدمية جمعت في عبارة واحدة ؛ فقصر وجوب الوضوء على غير حالة الضرر وقصر وجوب الصوم على غير حالة الضرر مثلا ليسا مجعولين بجعل واحد وثابتين بتقرر واحد ، بل الأول ثابت بتقييد جعل وجوب الوضوء بغير حالة الضرر والثاني ثابت بتقييد جعل وجوب الصوم بغير حالة الضرر. غاية الأمر ، ان الشارع جمع بين هذه التشريعات العدمية المتعددة بجعلها في مبرز واحد ، وفي مثل ذلك لا تصدق القاعدة إذ لا يوجب أمر كلي وحداني يكون دخيلا في إثبات كل واحد من هذه التشريفات بل هي جميعا تثبت في عرض واحد بدليل واحد ، فهذا من قبيل أن يقال : كل حكم يثبت للرجل في المعاملات فهو ثابت للمرأة. فان هذا ليس قاعدة بل هو تجتمع لجعول وأحكام متعددة تحت عنوان ثانوي مشترك وإبرازها بهذا العنوان.

وإن شئت قلت : ان القاعدة عنوان ثانوي في ( لا ضرر ) إن أريد بها نفس اللفظ الصادر من الشارع باعتباره دالا على تشريعات عدمية كثيرة فيرد على ذلك ان القاعدة أمر كلي وهذا لفظ شخصي.

وإن أريد بها مفاد هذا اللفظ فهو معنى كلي ولكن ليست له وحدة ثبوتية وإنما هو مجموعة من الأحكام والجعول المشتركة في عنوان ثانوي عبر عنها به.

نعم لو فسرنا ( لا ضرر ) على أساس أنها تشريع لحرمة الضرر ـ خلافا للتفسير المشهوري لها ـ فحرمة الضرر والإضرار أمر له وحدة ثبوتية فيصح أن تسمى قاعدة بالمعنى الفني للقاعدة ، إلا أنها سوف تكون على غرار قاعدة ( ما يضمن وما يضمن ) من

۳۹۱۱