حيث أفاد : « والصحيح انه لا شيء من القواعد الفقهية تجري في الشبهات الحكمية ، فان قاعدتي نفي الضرر والحرج لا تجريان في موارد الضرر والحرج النوعيّ ؛ وقاعدة ما يضمن أساسها ثبوت الضمان باليد مع عدم إلغاء المالك لاحترام ماله فالقواعد الفقهية نتائجها أحكام شخصية لا محالة. » (١)
وهذا الوجه بحاجة إلى تمحيص وتحديد للمقصود بالشبهة الحكمية التي أفيد بأن القواعد الفقهية لا تجري فيها ، فان ظاهر هذا الوجه ان قاعدة لا ضرر مثلا لو كان مناطها الضرر النوعيّ فهي مما تجري في الشبهة الحكمية وإذا كان مناطقها الضرر الشخصي فلا تكون جارية في الشبهة الحكمية.
فان أريد بالشبهة الحكمية الشك فيما يكون من وظيفة الشارع بيانه في مقابل الشك في الأمور الخارجية ، فمن الواضح ان وجوب الوضوء في حالة الضرر الشخصي حكم من وظيفة الشارع بيانه ويكون الشك فيه حينئذ شبهة حكمية ، وقاعدة لا ضرر تجري لتنقيح حال هذه الشبهة. وإن أريد بالشبهة الحكمية الشك فيما يكون من وظيفة الشارع بيانه على شرط أن يعم المكلفين جميعا ، فيمكن أن يفهم على هذا الأساس الفرق بين القول بأن الميزان في قاعدة لا ضرر الضرر النوعيّ والقول بأن الميزان الضرر الشخصي ، إذا على الأول تكون النتيجة ثابتة لعموم المكلفين في حالة وجود الضرر النوعيّ وعلى الثاني تختص النتيجة بمن كان الضرر فعليا في حقه ، ولكن أخذ العمومية بهذا المعنى شرطا في الشبهة الحكمية بلا موجب.
مع أن النتيجة قد تعم جميع المكلفين حتى على القول بأن الميزان هو الضرر الشخصي ، وذلك في مقام نفي أحكام هي بطبيعتها ضررية ولم يدل دليل عليها.
فلو شك في حكم الشارع بالضمان في غير موارد قيام الدليل على الضمان أمكن نفي الضمان بلا ضرر ، والنتيجة هنا عامة لا تختص بمكلف دون مكلف لأن الضرر مستنبط في الحكم بالضمان دائما فهو منفي بالقاعدة عن كل أحد.
هذا ، مضافا : إلى أن من القواعد الفقهية ما يكون الحكم المستنبط منها كليا يعم
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ١٠