اللفظ موضوع إلى المعنى ، غاية الأمر المعنى الّذي تعلقت به الإرادة دون غيره ، فالموضوع له بالتزامه هو الحصة الخاصة من المعنى ، وقد عرفت بان إرادة المعنى المزبور من التعهد تستلزم كون المعنى من قيود الموضوع له لا نفسه ، وان الموضوع له هو الحصة الخاصة ـ وهو الإرادة المعلقة بالمعنى ، لا الحصة الخاصة من المعنى ـ وهي المعنى المتعلق للإرادة ـ.
وثانيا : أنه من المتقرر امتناع وضع اللفظ للموجودات الخارجية بما هي كذلك ، بل لا بد من تعلقه بالمفهوم ، لأن المقصود منه تحقق انتقال المعنى الموضوع له بالانتقال إلى اللفظ ، والمعنى القابل للانتقال هو المفهوم دون الموجود ، إذ لا يقبل الموجود وجودا آخر ذهنيا كان أو خارجيا ، والانتقال عبارة عن الوجود الذهني. وعليه فلا يمكن دعوى كون الموضوع له هو إرادة المتكلم التفهيم ، لأنها من الأمور الخارجية الواقعية لا من المفاهيم ، فلا تقبل الوجود الذهني وهو الانتقال. فلاحظ.
النحو الثالث : ان يراد به التعهد والبناء على تفهيم المعنى باللفظ عند إرادة تفهيمه ، فيكون متعلق التعهد هو نفس التفهيم لا ذكر اللفظ ، فلا يرد عليه ما ورد علي سابقه ، إذ العلاقة مفروضة بين اللفظ ونفس المعنى لا بينه وبين إرادة تفهيمه كما لا يخفى.
ولعله لأجل التفصي عن ما ورد على سابقه غيّر القائل ـ هو السيد الخوئي ( دام ظله ) (١) ـ التعبير الأول السابق ، وعبّر بهذا التعبير أو بما يشاكله كالتعهد بإبراز المعنى باللفظ عند إرادة تفهيمه.
ولكنه مع هذا لا يسلم عن المحذور.
بيان ذلك : انه انما يصح في فرض لا ينحصر فيه المفهم للمعنى باللفظ
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٤٥ ـ الطبعة الأولى.