الملازمة والارتباط بين اللفظ والمعنى ، وكونه عبارة عن التعهد والبناء على تفهيم المعنى باللفظ.
وقد كان الثابت لدينا في الدورة السابقة هو معقولية كلا الوجهين ثبوتا وإثباتا ، وان ترجيح أحدهما لا بد فيه من مرجح.
إلاّ ان الّذي نراه فعلا بطلان القول بالتعهد.
وتوضيح ذلك : ان المراد من التعهد يتصور بأنحاء :
النحو الأول : ان يراد به التعهد ، والبناء على ذكر اللفظ بمجرد تصور المعنى والانتقال إليه. فمتعلق التعهد هو ذكر اللفظ.
وهذا المعنى لا يمكن الالتزام به ، إذ من البديهي الّذي لا إنكار فيه ان الإنسان إذا تصور بعض المعاني ولم يذكر اللفظ لم يعد مخالفا لتعهده وناقضا لبنائه ، إذ لا يرى الشخص ملزما بذكر ألفاظ جميع ما يتصوره من المعاني ولو بلغت من الكثرة إلى حد كبير ، كما لو قرأ الشخص كتابا طويلا في ليلة واحدة ، أو كانت من المعاني التي لا يستحسن التصريح بها.
النحو الثاني : ان يراد به التعهد والبناء على ذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى.
وهذا باطل لوجهين :
أحدهما : أن ذلك يستلزم ان يكون مدلول اللفظ هو نفس إرادة التفهيم لا المعنى ، وانما يكون المعنى من قيود المدلول لا نفسه ، بمعنى ان المدلول هو الحصة الخاصة من الإرادة ، وهي الإرادة المتعلقة بهذا المعنى ـ نظير ما إذا تعهد بالإشارة بالإصبع عند مجيء زيد ، فان مدلول الإشارة يكون نفس المجيء لا زيد ، بل زيد يكون من قيود المدلول ـ.
وهذا ـ أعني كون المدلول والموضوع له هو الإرادة ـ ينافي دعوى وضع اللفظ للمعنى ، كما هو محور الكلام كما انه مما لا يلتزم به القائل ، فانه يلتزم بان