وبالجملة : التكليف لا يتقوم بنسبة الفعل المأمور به إلى المكلف ، بل يتقوم بتمكن المكلف من تحقيق هذا الفعل خارجا بتسبيبه اما بمال أو بغيره ، بحيث يستند وجوده خارجا إليه وان لم ينسب نفس الفعل إليه. فالتكليف بفعل الغير تسبيبا إليه جائز عقلا لتمكن المكلف من تحقيقه.

الثاني : ما أفاده قدس‌سره من عدم كون النيابة عبارة عن إيجاب العمل على المكلف ، أعم من بدنه الحقيقي أو التنزيلي ، بان ينزل النائب بدنه منزلة بدن المنوب عنه ، بتقريب : ان التنزيل المدعى مما لا يخطر ببال النائب والمستنيب أصلا (١).

وموضوع المؤاخذة في ذلك هو ما يظهر منه قدس‌سره من الالتزام بإمكان التكليف فيه بنحو التخيير على هذا المبنى وتأتيه لو لا فساده في نفسه ، باعتبار انه أمر على خلاف المرتكز العرفي في باب النيابة.

مع انه يمكن المناقشة فيه ، بان التكليف على هذا المبنى يتصور ثبوتا على نحوين :

الأول : ان يكون متعلقا بالوجود الحقيقي للمكلف وبالوجود التنزيلي له الّذي هو الوجود الحقيقي للنائب ، فيكون موضوعه كلا الشخصين على نحو الوجوب الكفائي.

ولا يخفى انه بهذا النحو خلاف فرض باب النيابة ورجوعها إلى التخيير في الواجب ، كما انه لا يلتزم به أحد حتى المحقق النائيني ، إذ ليس من يلتزم بان النيابة من باب الواجب الكفائي.

الثاني : ان يكون التكليف متعلقا بالشخص بوجوده الحقيقي ، لكن يطلب منه العمل أعم من الصادر عن وجوده الحقيقي أو وجوده التنزيلي فيرجع إلى

__________________

(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٩٨ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۸۱