وعليه ، فمع الشك في صحة النيابة أو الاستنابة لا يرجع ذلك إلى الشك في التعيين والتخيير ، بل يرجع ذلك إلى ان الغرض الباعث للأمر هل يتحقق بالفعل النيابي مطلقا أو عن تسبيب ، فيسقط الأمر به أو لا يتحقق فلا يسقط الأمر به؟. ومن الواضح ان دليل الحكم لا نظر له إلى هذه الجهة كي تنفي بإطلاقه أو لا تنفي. ولا يرتبط مدلوله بالمشكوك بالمرة ، فالمرجع حينئذ هو الأصل العملي ، وهو يقتضي عدم صحة النيابة ، لأنه يشك بالفعل النيابي في سقوط الأمر لحصول الغرض وعدم سقوطه لعدم حصول غرضه ، فلا يجزم بحصول الامتثال بالفعل النيابي ، فقاعدة الاشتغال تقضي بلزوم الإتيان بالعمل مباشرة لتحصيل العلم بالامتثال. فلاحظ.
هذا تحقيق الكلام في المقام فيما يرتبط بالنيابة والاستنابة.
وقد نهج المحقق النائيني قدسسره في تحقيقه نحوا آخر من البيان لا يخلو عن مؤاخذات. وهي : ـ مضافا إلى ما تعرض إليه من ذكر احتمالات النيابة وبناء المسألة عليها ، إذ قد عرفت ان تحقيق الكلام في النيابة ومقتضى الأصل فيها لا يختلف فيه الحال على جميع احتمالات النيابة ، فالكلام في معنى النيابة وتحقيقه له مجال آخر غير ما نحن بصدده من تحقيق ما يقتضيه الأصل في النيابة ـ في موارد متعددة من كلامه :
الأول : ما أفاده من امتناع إرجاع الاستنابة إلى تعلق التكليف بالعمل من المكلف ، أعم من المباشرة والتسبيب. بتقريب : ان عمل الغير لا يعد عملا تسبيبيا للمستنيب مع كون النائب ذا إرادة تامة مستقلة ، بل العمل عمل النائب والحال هذه ، وليس للمستنيب غير التسبيب وهو غير الواجب ، نعم انما يستند عمل الغير إلى المسبب فيما إذا لم يكن للمباشرة إرادة أصلا أو كانت له ولكن كانت ضعيفة جدا بحيث يعد العمل عملا للمسبب ، كعمل المجانين والصبيان