غاية ما يدل عليه الدليل كفاية الاستنابة في حصول الغرض وسقوط الأمر ولا ملازمة بين ذلك وبين علّية الغرض الحاصل ، للأمر التخييري بها. وعليه فإرجاع النيابة إلى الوجوب التخييري لا وجه له ولا دليل عليه.
واما المورد الثاني : وهو ما إذا دل الدليل على صحة الاستنابة فقط لا مطلق النيابة ، فلأنه وان لم يستكشف كون الغرض بنحو غير مؤهل لتعلق الأمر ، إلاّ ان الالتزام بان فعل الغير التسبيبي متعلقا للأمر التخييري وكونه عدلا لفعل الشخص نفسه وفي عرضه ينافي قصد النيابة فيه. لأن النيابة كما عرفت عبارة عن تنزيل النائب نفسه أو عمله منزلة نفس المنوب عنه أو عمله. أو عبارة عن الإتيان بالفعل بداعي ترتب آثاره في حق المنوب عنه ، ولا يخفى ان قصد هذه المعاني يتوقف على ان يكون الأمر متعلقا بخصوص فعل الشخص كي ينزل عمل آخر منزلته أو شخص آخر منزلة المكلف أو الإتيان بعمل بداعي ترتب آثاره في حق غير الفاعل وهو المنوب عنه ، اما إذا كان الأمر متعلقا بنفس الفعل النيابي ، فلا معنى للإتيان به بهذه القصود لأن فعل المنوب عنه مأخوذ في موضوع الفعل النيابي الّذي يستلزم كونه واجبا ومتعلقا للأمر في حال النيابة ، بحيث يكون الداعي للنيابة إسقاط الأمر المتعلق به ، فيمتنع ان يكون الفعل النيابي عدلا له وفي عرضه ، إذ معنى ذلك انه لو جيء بالفعل النيابي كان فعل المنوب عنه غير واجب أصلا وهو خلف الفرض.
وبالجملة : النيابة في طول تعلق الأمر بفعل المنوب عنه ، فيمتنع ان تؤخذ عدلا له وفي عرضه كما هو شأن الواجب التخييري.
والمتحصل : انه لا يمكن إرجاع الاستنابة ـ والمقصود منها عمل الغير الخاصّ التسبيبي ـ إلى الواجب التخييري في كلا الموردين ، بل الدليل الدال على صحة النيابة أو الاستنابة انما يدل على ترتب الغرض على عمل الغير النيابي مطلقا أو مع التسبيب إليه.