إذ لم يبين الوجه فيه ـ والإيراد على المدعى بوجهين :

أحدهما : انه لا دليل على لزوم تحصيل غرض المولى من الأمر ، بل الواجب عليه بحكم العقل الإتيان بما تعلق به التكليف وتحصيل الغرض في نفس المأمور به ، وهو ـ أي المأمور به ـ مطلق غير مقيد بداع من الدواعي. فلو فرض ان غرض المولى ما ذكر فلا يلزم تحصيله ، بل يكفي الإتيان بذات العمل المتعلقة للأمر.

والآخر : إنكار كون الغرض من الأمر جعل الداعي فعلا ، لأن الغرض ما يترتب على الشيء ترتب المعلول على علته ، ونحن نرى ان الإتيان بالفعل بداعي الأمر يتخلف كثيرا عن الأمر كما في موارد الكفر والعصيان ، فالغرض انما هو جعل ما يمكن ان يكون داعيا وهو لا يتخلف عن الأمر أصلا (١).

أقول : ما أورده أولا ليس محل بحثه هنا ، بل له مجال آخر.

واما الوجه الثاني ، فهو غير تام ، بيان ذلك : ان الغرض قد يطلق ويراد منه ما يساوق العلة الغائية وهو المعنى الاصطلاحي للغرض والداعي ، وهو ما يترتب على نفس الفعل ترتب المعلول على علته. وقد يطلق ولا يراد منه هذا المعنى ، بل يراد منه معنى عرفي يساوق المقصود ، وقد يعبر عنه في الاصطلاح بالغرض ـ الأصلي أو الأقصى ، وهو بهذا المعنى قابل الانفكاك عن العمل وان عبر عنه بالغرض ، فيقال : غرضي من هذا العمل ومقصودي كذا ، مع عدم ترتبه عليه ، بل يمكن ان يترتب ويمكن ان لا يترتب ، كأكل الخبز بغرض الشبع وشرب شيء بقصد العافية من المرض والإتيان بالماء بغرض الوضوء ونحو ذلك. ولا يخفى انه يطلق على مثل ذلك الغرض مع تخلفه عن العمل أحيانا ، فقد يكون مراد المدعي من كون الداعوية الفعلية غرضا للأمر هذا المعنى من لفظ الغرض

__________________

(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٢ ـ ١٨٩ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۸۱