بوجوده الخارجي فأخذه في موضوعه يستلزم تقدم المتأخر بحسب اللحاظ وهو خلف (١).
ولم يتعرض في المقالات إلى الإشكال ودفعه ، وانما أشار إلى دفعه بما أفاده من ان العلم بالأمر متأخر بحسب اللحاظ عن الأمر فكل ما يكون من شئون العلم ومتأخرا عنه كداعوية الأمر ، يكون متأخرا قهرا عن الأمر كما لا يخفى (٢).
والإنصاف : تمامية إيراد المحقق الأصفهاني وعدم صحة الجواب المذكور ، فانه ناشئ عن الغفلة عن نكتة دقيقة في المقام. بيان ذلك : ان ما يؤخذ في متعلق الأحكام هو المفاهيم والطبائع لا المصاديق الخارجية كما لا يخفى. والعلم الّذي يكون فانيا في متعلقه ومرآتا له بحيث لا يلتفت إليه انما هو مصداق العلم والفرد الخارجي منه ، اما مفهوم العلم وطبيعته فليس كذلك ، فان العلم الطريقي بحسب مفهومه ليس فانيا في المعلوم ومرآتا له ، بل يكون متعلقا للنظر الاستقلالي ولتوجه النّفس إليه بخصوصه. وهذا هو الّذي يؤخذ في موضوعات الأحكام ، فإذا قيل : « إذا علمت بوجود زيد تصدق بدرهم » فان موضوع وجوب التصدق هو العلم بوجود زيد بنحو الطريقية ـ مثلا ـ ، إلا أنه في مرحلة موضوعيته لا يكون فانيا في متعلقه ومرآتا له ، بل يكون ملحوظا بنحو الاستقلال ، والّذي يكون فانيا في متعلقه هو مصداق العلم وفرده الخارجي.
وعليه ، فقصد الأمر إذا ثبت انه معلول للأمر بوجوده العلمي فيكون مأخوذا في المتعلق بهذه الخصوصية ، فالمتعلق يكون هو الفعل بقصد الأمر المعلوم ، ولا يخفى ان العلم المأخوذ في المتعلق ليس مصداق العلم كي يقال انه فان في متعلقه ، بل المأخوذ مفهومه وطبيعيه ، وهو لا يفنى في متعلقه كما عرفت ، فالقصد
__________________
(١) الآملي الشيخ ميرزا هاشم. بدائع الأفكار ١ ـ ٢٢٩ ـ الطبعة الأولى.
(٢) العراقي المحقق الشيخ ضياء الدين. مقالات الأصول ١ ـ ٧٥ ـ الطبعة الأولى.